Monday, October 02, 2006

نحو تحرير المسرح

نشطت الفرق المسرحية الحرة (المستقلة) في مصر في منتصف الثمانينات بعد فترة طويلة من هيمنة البيروقراطية على النشاط الأهلي في مختلف المجالات ومن بينها مجال الفنون، وقد تكونت هذه الفرق كإجابة على المأزق المسرحي الذي تمثل في وجود قطاعين مأزومين -كل بطريقة- هما قطاع مسرح الدولة وقطاع المسرح التجاري.

وتتمثل أزمة القطاع الأول في البيروقراطية التي تخنق الإبداع والتي تستفيد من الامتيازات الإدارية دون أن تهدف لإفادة الفن ودون أن تبني علاقة متينة مع الجماهير.أما القطاع الثاني فتتمثل أزمته في مستوى عروضه تأسيسا على نوعية علاقته الخاصة بمشاهديه والتي لا تحكمها إلا قيم الربح المجردة أيا ما كانت النتيجة الفنية.

وفي سبتمبر من عام 1990، أعلنت الفرق المسرحية الحرة عن وجودها مع تعثر المهرجان التجريبي الحكومي إبان أزمة الخليج، وأقيم لقاؤنا الأول وسط ترقب الوسط المسرحي الذي اضطرت كوادره الرسمية إلى الاعتراف بنا على مضض انتظارا منها لاحتوائنا فيما بعد، وهو ما حدث فعليا في صيف عام 1994عقب إعلاننا عن اتحادنا الأهلي للفرق المسرحية الحرة والذي صار يضم عددا من الفرق على مستوى الجمهورية، وبعد عدد من المهرجانات السنوية للمسرح الحر والتي ظهرت بها إبداعات تؤشر لوجود نواة جديدة فاعلة وينتظر منها الكثير.

وحيث تتالت الضغوط على المسرح الحر، فقد تجمد اتحادنا فترة طويلة لعدم وجود شكل قانوني حر يحتويه من جانب، ولانعدام الموارد التي ترشحنا للتكون في شكل شركة تضارب على الربح المجرد من جانب آخر، وللضعف والانتهازية التي ظهرت في بعضنا مع ازدياد الضغط علينا من جانب ثالث وهي الأمراض الواردة لكل شكل أهلي جنيني يطرح مبادئ تضعه في تناقض مع قوى أكبر.

وبالرغم من كل ذلك، صممت بعض الفرق على الصمود وقاومت الفناء بكل قواها محافظة على اسمها واستقلالها وتماسك عناصرها، وهو ما جعل وزارة الثقافة -مع كل ضغط نقدي عليها- تسارع برفع راية المسرح الحر معلنة عن رغبتها في تنشيط الواقع المسرحي، فأعلنت عن استعدادها لدعم عدد من الفرق المسرحية الحرة، ومع الوقت، ثبت أنها دعاية لا أكثر.

ولا زالت الفرق الحرة المؤسسة لهذا الاتجاه والعاملة فعليا عكس التيار تعمل جاهدة كي تلتئم من جديد حيث ثبت بالتجربة أن في اتحادها مكاسب لا تستطيع فرقة واحدة تحقيقها.

وهناك عناصر أساسية تشكل معا دعامات زرع تيار المسرح المستقل في مصر من وجهة نظرنا، فالمقر الممكن استخدامه للإدارة والاجتماع والتدريب وللعروض الصغيرة أيضا هو مطلب ملح للغاية في ظروفنا الراهنة، إضافة إلى دعم القدرة المؤسسية لهذا التيار حتى يقف على قدميه بأشكاله الإدارية والتنظيمية، كما أن بناء هذا التيار لا يمكن أن يتم دون دعم العروض المسرحية لفرقه والتي تشكل الأرضية الفعلية له، ومن جهة ثالثة فإن المهرجان السنوي والنشرة المنتظمة هي أيضا فعاليات جوهرية لتأصيل التيار المسرحي الجديد.

وتدعو فرقة الحركة المسرحية الحرة جميع الفرق المصرية الحرة (والمستقلة) -المكونة فعليا والتي هي تحت التكوين- إلى عقد المؤتمر التأسيسي لاتحاد الفرق الحرة والذي يهدف إلى تنظيم تكاتفنا جميعا من أجل الحصول على مكاسبنا المأمولة بما يؤمّن التقدم لتيارنا الذي هو السبيل الوحيد لهيمنة الفنان على فنه مقابل صلف وتخلف المؤسسات الإدارية والتجارية التي تخنقه، وهو الذي تنعقد عليه الآمال في خلق مناخ مسرحي خال من أمراض المناخ المسرحي الحالي.

ولكي نندفع في اتجاهنا التضامني بقوة لابد من تنقية تيارنا من الانتهازية التي بدأت تنخر جسده والتي جعلت البعض يتوهم أن من حقه امتطاء موجة المسرح الحر تحقيقا لمكاسب فردية، وينبني على ذلك مواجهة أسلوب الوصاية الذي يريد البعض فرضه على تيارنا.
إن اختيارنا الثابت في الحركة هو المضي في المسار القاعدي الواسع لجميع فرق الجمهورية داعين لتوحيد كافة الفرق الحرة في مصر والتي ندعو ألا يشترط للاعتراف بها إلا أن تكون مجموعة مسرحية قد قررت العمل معا على مشروع فني هو مجال بحثها المسرحي الذي تسعى لتطويره بخبرة السنين، وبعناصر أساسية ثابتة تتبنى منهج العمل الجماعي، وباسم لا تتنازل عن وضعه على عرضها في مقابل كافة المؤسسات.

وترى الحركة أن الاستقلال الحقيقي للمسرح الحر لن يتأتى إلا عبر شباك التذاكر، ولكن لا يعني ذلك انسحاب الدولة من دورها المفترض في دعمنا سنويا كما تفعل دول العالم المختلفة على الأقل لمدة يتفق عليها، كما أنه لا ينفي حق كل فرقة في الحصول على دعم لمشاريعها من جهات متعددة طبقا للقواعد التي سنضعها معا وبشرط عدم تسلق جهودنا المستميتة لتحقيق مكاسب لا تعود بالفائدة على التيار ككل.

المسرح الحر الذي ندعو إليه ليس نزهة في فضاء مترف بل هو نضال أهلي مشروع للحصول بالضغط على ما لا يأتي به التسول.
معا من أجل تحرير الإبداع
فرقة الحركة
خالد الصاوي
http://www.rezgar.com/m.asp?i=801

No comments: