Tuesday, August 28, 2007

قانــون الــدم

(1)
حينما تتداخل كل التفاصيل بيني وبين الحصان الذبيحِ الذي يُسْلم الروح فوق فراشي
وبين صدور الصبايا التي تُسْلم الفتنةَ الملكيةَ بين يديّ
وتلفظ أنفاسها فوق صدري
وتختلط الصرخاتُ.. وتنطحن النجماتُ.. ويعجن طعم الهشيم فمي
ويسيل دمي..
في ممرٍّ تشقه حِنّاء شَعرِ الأميرة فى دفتر الشَّعرِ أكتبُ..
إني أحب النبيذ الذي لم نذقْ
والحروب التى لم تحنْ
والنداء البعيد النزقْ
كما أعشق العُري والشجرَ المتوحشَ والليل والخوف والجسد المنفجرْ
فامنحيني سُمُوَّكِ بعض انحنائي لأقضم ساقيكِ.. أمضغ كفيك.. أشعل فينا الحريق الكبيرا
وأرفل بين الرفات أميرا
على الروح أن تنطلقْ
فاذبحيني..
وكوني النصيرا!!
ــ ــ ــ
(2)
تستحمُ..
كتفاحةِ فى نبيذٍ..
لها هضبتانِ على الصدر خاشعتانِ.. كآثار حرب قديمة
وعاهتها المستديمة..
هى الطعنة المستقيمة
ولا أفهمُ..
لماذا يطل من الجرح هذا الفمُ..
لينزف وهو يداعبني..
النبيذ دمُ..
ولا أعلمُ..
لماذا أريد السباحة!
ـ ـ ـ ـ
(3)
أسمع فى الليلْ..
أصوات أُناسٍ تأكل بعضا
تتعقبني تكتكة الأسنان على العظمْ
تطرحني أرضا
حين ترن على الأرض الفِضّة..
أشهدها رؤي العيــــنْ
وأكان أُجنّ!!
ــ ــ ــ ــ
(4)
يدها فى يدي
نحمل الموز فوق الكتف..
تضع الغصن فى شعرها..
وفى كفِّنا يتأرجح سِنُّ الحجرْ
نفتش عن حفرةٍ يختبي في ثراها الهوى والثمرْ
وحين تعريتُ.. شاءت تراني من داخلي
وأظهرت الرغبة الجامحة
أن أشق لها الصدرا !
أشرت لها:
"إذا انشق هذا أموتُ!"
أشارت: " تعرَّا!!
اخلع الجلد وابذل لي اللحم والدم وارفع العظم تاجَا ليا"
ففجرت نهرا..
ونمنا على دَمِيَـا!!
(5)
يأكل الطير أجنحتَهْ
والمهرج يأكل أقنعتَهْ..
والجماهير تضحك
الجميع يسلم أسلحتَهْ
ويموتُ..
والجماهير تضحك.. تضحك.. تضحك..
وهي تموت رويداً.. رويدا
ـ ـ ـ
(6)
يأكل الطير أجنحته
منذ ألفي سنة
ويصبح طائرة من ورق
دمٌ يتسرب من كفنا
والخيوط تطير..
تَرَسَّبَ فى الأرض حبٌّ بِكُرْهٍ..
ودمعٌ بضحكتنا الآمنة
فيورق فينا الغضبْ
وتنمو لنا سوسنة
فنقطفها فى سنين اللعبْ
(فأحبك أكثرَ)..
ندفنها فى فصول التعبْ
(حبنا طاهرٌ.. كدمٍ في حديقة)
زهرتا عشقنا فى تلاصقْ
عرقٌ عنبرُ..
غضبٌ أخضرُ..
وشلالُ دمٍ زلالٍ يغطى الحدائقْ
تولد الأرض ثانيةً ثانية
وأحبك أكثر..
(7)
يأكل الطير أجنحتَهْ
يصبح الطير مقذوفةً.. أو حجرْ
يسقط الطيرُ.. يصدر آخر شهقة
وينطق أحلى خبرْ..
"أنا الموت فاجئني.. إنني.."
يصفق ألف من الصبية الحاضرينَ..
يظنون أنه سوف يقومُ..
(دمُ)..
وأنه سوف يطير.. (دمُ)
وسوف يعود الجناحانِ..
(جف الدم)!!
وسوف يعود اليه السفرْ..
يصفق ألفٌ..
يصفق مائة..
يصفق خمسٌ..
أصفق وحدي..
ولا ينهض الطيرُ..
وحدي أصفقُ.. لا ينهض الطيرُ..
وحدي أصفقُ..
حتى يطل الجناحان من جانبيّا!
أرفرفُ.. حتى أطيرَ وأسعى ألامس وجه القمرْ
ولكنه عابسٌ.. عابسٌ..
فأعرف أني غداً سأصيرُ على الأرض مقذوفةً أو حجرْ
فآكل أجنحتي قبل أن ألمس القمر المستحيلْ..
وآكل بين الجوانح حلم الخطرْ !
(8)
من مخطيءٌ؟
الطيرُ.. أم هذا الشفق؟
الأجنحة..
سرعان ما.. تتآكلُ..
(سرعان ما.. سرعان ما..)
مصبوغةٌ حُفَرُ السما..
دَمَاً.. دَمَا!!
هل مخطيءٌ إن طارَ.. أو إن لم يطرْ ؟!
شفقٌ.. حجرْ
الأجنحة..
سرعان ما تتكسّرُ..
سرعان ما تتكسّرُ..
سرعان ما.. تتكاثرُ !!!
كل الطيور تطير فى عينيَّ حتى لا أرى دمها على الدرجاتِ يصعدُ للشفقْ
السرب يضرب رأسه فى حائط الأفق الغروبيِّ الحديدْ
ركن جديدٌ ينغلقْ.
والأجنحة
ستعودُ.. لكن لن تعود كما مضى
سربا يلوح فى أفقْ
الأجنحة..
تتناثرُ..
تتناثرُ..
ـ ـ ـ ـ ـ

Thursday, August 23, 2007

دوامة

وجدتُ عقلاً فى الطريق.. وجدتُ عقلا
قبّلتُهُ وركنته جنب الرصيف.. وسرت أبكي
وجدت قلًبا فى الطريق.. وجدت طفلا
يبكي على قدم الحقيقة.. وهى تبكي
وجدت عضواً للذكورة فى الطريق.. وجدت عضوا
فدفنته فى الرمل.. فانتفض الشجرْ
حبل المساء من القمرْ
وضع النهار وليدَهُ..
طفلا بلا عقلٍ ولا قلبٍ ولا عضوٍ ولا شيءٍ سوى.. هذي الطريق إلى البيوتْ
فى جثةٍ شُوِّهَتْ ..
رأيتُ نعشَ المدنْ
رذاذُ وجهي دمٌ
هذي البلاد تموتْ !!

قصائد فى فنجان 1987

بعض وريقاتٍ ماتت فينا
أشجار الأعصاب الخضراءْ
يابسةٌ.. متيبسةٌ..
يعجز عن شفتيها الماءْ
ــ ـ ـ ـ
(1)
قلبي يعمل بالغازِ أُغذّيه صباحاً.. ينبض حتى منتصف الليلْ
أعشق فاتنةً تعمل بالكيروسينْ
لما نتصارحُ.. نعرف أن عبوة كلّ منا ناسفة ٌ
نعشق أكثرْ
نتقابل فى ميدان الأزهرْ
نتأمل عُلَباً تمشي يصعد منها الصهد ويرهقها التدخينْ
تتيقظ فينا بعض مشارعنا الأولى
نتعانق سهوا
نقوى
نتحدى أدخنة النظرات وفرقعة الكلمات ونبقى حتى
تندلق النار على البنزيــنْ
طاقتنا انفجرت فى الإسفلت شرارةَ حبّ تشعل فيمن مات الرغبة
فغدونا فى الصبح التالي
أزهاراً فى ميدان العتبة
(2)
أحيانا أطلب من أصحابي أن يُوصِلَني أحدٌ منهم بالتيارْ
عَلّي أتنفسْ
لكني حين يجربني أحدٌ منهم
أعجز عن إصدار شرارْ
تفحصني زوجتي الحبلى
تتحسسْ
تتحسسْ
تشعر أني.. أتَكَلّسْ
تبكي فى صدر صديقي
تبكي.. تبكي
حتى تنعسْ ‍‍
ـ ـ ـ ـ
(3)
المَبْسَمُ يبحث عن شفتي
شفتي تبحث عن شفةٍ أخرى
الشفة الأخرى تبحث عن شفةٍ مجهولة
والشفة المجهولة تبحثُ.. عمن يعرفها
ـ ـ ـ ـ ـ
(4)
حينما اصطدمت ركبتي بالقمرْ
حنوتُ عليهِ وقلت لهُ:
لماذا وقفت بوجهي؟
ثم قبّلتُهُ
كان يبكي ويسألني عن طريق الرياحْ
فاصطحبته للقسمِ
كان الأمين يسجل حادثة مزعجة:
اختفاء القمرْ
في ظروف تثير السؤالَ
وأن الرياح تفتش عنهُ
وتجمح باحثةً عن أثرْ
فاصطحبت القمرْ
إلى ملجأٍ لليتامى
فعانقني.. كنت أبكي
وقبلني.. كنت أجهش
قبلتهُ.. ثم ودعني
وفقدت البصرْ
ـ ـ ـ ـ ـ
(5)
الشجرْ
يبحث اليوم عن غابةٍ
فى البلاد الأُخَرْ
ـ ـ ـ ـ
(6)
زوجتي لا تحب أخي
لست أدرى السببْ
إنما
كان الاثنان أول من فتش الجثة الطازجة
ولاذا -على اثنين مغنمي- بالهربْ
ـ ـ ـ ـ ـ
(7)
أخبرني زوج صديقة خالة جاري أول أمسْ
أني أشبه شخصاً ما
يجعل فى عينيه دموعاً
لكن يجهل ماذا فى عينيّ على وجه التحديدْ
نسترجع كل الأسماء المشتركة حتى نعجز أن نتواصل
نرتدّ إلى بعضٍ لما.. أنبئه أني كنت لقيطا
يبكي وهو يقول حزيناً.. إنه أخطأ منذ سنين
يعلن أني
لكن يقسم إنه سوف يعوضني!!
ـ ـ ـ ـ ـ ـ
(8)
قرر أن يغتصب الليلة أول أنثى سيقابلها
سَنّ المطواة على باب الملهى
تخرج قنبلةٌ شهوائيةُ الاستفزازِ تعلّق بذراعٍ يدَها
يذبح صاحبها
يحملها وَلَها
يطرحها بَلَها
يشرع كله أن يغتصبا
لكن.. ما انتصبا
ـ ـ ـ
(9)
ركب قطاراً فى ذاك الظهر الملعونْ
أوجهُ.. أوجهُ.. وقفا بجوار قفا
معهم وقفَ
داست قدمَهُ قدمٌ ما اعتذرتْ.. حكّ بجسده جسداً أشعل فيه الرغبة
ربحت رغبتُهُ بعد ثلاث محطاتٍ.. نزعتْ شرفَهْ
ألصق في ظهر الثوب مقدمة البنطال المشحونْ
التفت إلى وجهه ذاك الوجه السكينْ
فتحت وسط الوجه البابَ
همست: بابا ؟؟!!
----
(10)
عزلتنا أنّا
حين نقابل بعضاً.. توقفنا مصافحة عجلى.. لتفرقَنا
عزلتنا أنّا
نمشي عددا
نهوي أحداً.. أحدا
----
(11)
دافعت عنها في المدينة حين قالوا عاهرة
زارتني ليلا.. أغلقت فاهي بفيها.. أغلقت بالكعب بابْ
أعطت عيوني عيونَها.. أعطت يديّ الخاصرة
جاءت لتدفعَ لي الحسابْ !!
----
(12)
كان البواب الأبكم يعشق خادمةً عذراءْ
بائع ألبانٍ يتوسطُ.. يتورطُ فيها
تتبنى بائعةُ الخبزِ الطفلَ الملقى!
وأنا وحدي.. فى ذات الشقة
حيناً أشتاق إلى البواب الأبكمِ..
(سافر حين رآها فوق السطح تجفف دمها)
حينا أشتاق إلى الخادمةِ العذراء
وأنا أتأمل جير بنايتنا الساقط..
وبطول طوابقها العشرة..
آثار دماءْ!!
ـ ـ ـ ـ ـ
(13)
أيها البؤساء فى كل العصورْ
كمَّم الفمَ المرارُ.. وما بصقْ
أيها العابر بالباب الكبيرْ..
للمشاة الضوء.. فاحتلّ الطرقْ
ـ ــ ـ ـ ـ
(14)
ثورتنا انتصرت!
ألقينا بدن الشر المترهل فى قاع البحرْ
زغردت النسوة فى شباك الصبر الأصفرْ
وقضينا جميعاً -دون استثناءٍ- ليلتنا الأولى فى القصرْ
نشرب نخب الثورة
المنتصرة

قرب الظهر صحونا
أحدّ منا.. سرق الغافين وغابْ
آنسةّ تدخل باكيةً
أحدّ منا.. ضاجعها فى منتصف السهرة عنوة
ورماها فى أحراش الغابْ
أحدّ منا..
أحدّ منا..

فى العام القادم حين نقوم بثورة
سيثور على كلّ منا.. كلٌ منا
ـ ـ ـ ـ
أشجار الأعصاب الصفراء
أفرعها يابسةٌ بكماءْ
بعض ورقيات ماتت فينا
بعض وريقات أخرى
سوف تموت غدا
لن يبقى فينا
غير الرائحة الجرداء
صحراءْ..
صحراءْ..
صحراءْ

ألوان الحب


ليلى (كارولين خليل) امرأة من الطبقة الوسطى تعيش في ظل زوجها طارق (خالد صالح) الذي هو مزيج من الحنان والطفولة والقسوة والأنانية والشبق والتملك لدميته المجوفة. سيطر طارق على ليلى الطالبة وتزوجها فعطلها عن الدراسة حتى تفرغت لخدمته وصارت مسخّرةً للذته وفقط، كيف سيطر؟ بخلطة القمع والتدليل مع التعلق الحقيقي بزوجته في آن واحد!
الفيلم مبني على فكرة التعدي.. فالشخصية تغزو الشخصية الأخرى، ويفيض الماضي على الحاضر، ويهيمن الميت على الحي.. وهكذا أيضا شكل ألوان الحب.. فيلم الديجيتال 40 دقيقة، الذي حصل على الجائزة الذهبية بمهرجان الساقية الأول للسينما المستقلة 2004، وهو الفيلم الثالث لمؤلفه ومخرجه أحمد غانم (بكالوريوس سياسة)، إنتاج "سمات"، تصوير أحمد عبد العزيز، ومونتاج أحمد داود.
-------------------
عيد الأم، طارق وليلى في جولة لشراء هدية لأمها تسفر عن شراء طارق لحذاء أعجبه، ثم يتملص من زيارة الأم التي لا يخفي كرهه لها متهما إياها بالتسميم الدائم لأفكار زوجته. يخلوان مساء لبعضهما وطفلتهما نائمة، يغمر طارق ليلى بخمره وقبلاته (ولكليهما في الفيلم معنى رمزي هو الاستعباد بالنشوة).. وهكذا انتهت الليلة بما أراد طارق فقط.. وبصوت فيروز الذي يعشقه، بعدما منح ليلى هدية هامسا: "كل سنة وانت طيبة يا أحلى ماما في الدنيا".. ويترك المخرج اللحظة الحارة ليركز على الحذاء الجديد الغامض ويتركنا للتوجس.
في الصباح يدور حوار قصير بينهما يلغي فيه طارق شخصية محبوبته رغم فيض حنانه وتدليله لها، يقرر وحده فيلم السهرة، يأمرها بما ستطبخ وبكيفية طهيه، يلبس الحذاء الجديد ويتركها ليومياتها المنزلية الرتيبة بينما فيروز تصدح وكأن روح طارق تهيمن على المكان في غيابه، طارق الذي إن قرر ممارسة الحب ظهرا واستحت ليلى لقرب رجوع طفلتهما من المدرسة قال ببساطة متناهية: "أنا رجعت من المدرسة!!"
فجأة يأتي رجلان بطارق وقد وقع فريسة لأزمة تنفس، ليلى تخلع له الحذاء الجديد، يشرد وتومض في ذهنه أحلى مقتنياته وأحب "الأشياء" لقلبه.. ليلى والطفلة.. تدور المروحة ثم تزوغ.. وعلى صوت فيروز قبالة الحذاء المخيف يموت طارق!!
---------
في أربعين طارق، تختفي ألوان الفيلم ويتحول للأبيض والأسود.. ثم تنهمر ذكريات ليلى مجسّدة في مشاهد حية فتعود الألوان للحظات مع حضور طارق، ثم تختفي مع إفاقة ليلى للواقع الرهيب الذي ألفت نفسها فيه بعد انهيار ذلك الظل الوسيع الذي احتواها لسنوات.
ليلى حائرة وأمها تتشاجر مع أخت ليلى هاتفيا وقد هجرت بيتها، وتتشاجر مع ليلى على ذكرى طارق، الأم وابنتاها في دولاب استغلال متبادل عنوانه "من يسخر الآخر لخدمته؟"، وتمارس الأم ابتزازها العاطفي، تضج ليلى فتتجه للمطبخ لتدخل كهف الذكريات.. طارق يلون حياتها ثانية، نلمس التفاصيل اليومية التي تكشف ازدواجية التعلق والقهر في نفسية ليلى، وبسلاسة وشاعرية يرتحل بنا غانم وبطلاه المبدعان من الحاضر للماضي للحاضر، ليلى تصارع نفسها.. ارتبكت لرحيل طارق حتى فقدت الثقة بالقدر، فربما يخطف ابنتها بعدما اختطف سندها، ليلى وطارق في الفراش السعيد فتلمح خرابيش نسائية على ظهره فتثور ليخرسها طارق بحقوقه المطلقة، جارة ليلى تنادي رجل البيكيا ولكن ليلى تستنكر وتتهيب بيع المرء لذكرياته، نحس صراعها الخفي بين رغبتها التحرر من سطوة طارق حتى بعد رحيله من جهة وذوبانها جسما وروحا فيه من جهة مضادة، وحتى حين تقرر بيع حذاء النحس فيبخس رجل البيكيا ثمنه ترد بعفوية: "لا دي بتاعة طارق!"
وختاما تعرف ليلى أنها حبلى! فماذا تقرر؟ "أسميه طارق وأربيه على مزاجي!"..
نعم.. لهذه الدرجة هذا الحب.. لهذه الدرجة هذه العبودية!!
-----------

Thursday, August 16, 2007

تنبوء

يأتي زمنٌ.. يُقْتَلُ فيه الشعراءُ مئاتْ
هذا قتلته امرأته
هذا قتلته حكومتهُ
هذا قتلته الإحباطاتْ
ينتحر البعضْ
مملكتي ليست من هذي الأرضْ
يلقي العقلاءُ على الشعراء القبضْ
ويموت الشعرُ.. يموت الشعرُ.. يموت الشعر بهذي الأرضْ
-------
يأتي زمنٌ.. يصبح فيه الشعر مواداً تُدْرَسُ فى التاريخْ
كان الإنسان يقول الشعر سنينا بعد أن اخترع الصاروخْ
ينفجر الأطفالُ الأحفادُ من الضحكْ
فيدق الأستاذ المكتب.. يستطرد:
حتى لفظوا آخرُهم آخرَ أنفاسِهم في مُنْعَزَلِ بين الكردونات السِلْكْ
-------
يأتي زمنٌ.. يتسول فيه الشعر ليُنطَقْ
يَطرُقُ يَطرُقُ.. لكن لا يُطْرَقْ
تلمحه الصبيةُ تتبعه.. تلقيه بأحجار استغرابْ
يركض فى الطرقات.. يُشَدُّ الشَّعر من الشَّعر فينزف
يترك بصماته حين يحاصره الجمهور على الأثوابْ
يسعى فى الطير.. فيُنْتَفُ ريشه.. يُفضَح رمزه.. تتكسر أبيات فيه
وتجنّ القيثارة فى بحّة صوته.. ينعق.. ينهق
يُفْزِعُ آذان الجمهور ويضرب بجناحيه الصف ويركض
يحجل.. يزحف.. حتى..
حتى يحتضر على الأبوابْ
-------
يأتي زمنٌ.. سيهاجر فيه الشعر المتبقي سهوا
يتنكر فى زيّ ليليٍّ
يختم صورة مصنع تبغ ببطاقته
ويجوب قطار الليل.. يجوب جميع المنهزمين
المنبوذين الشاذين الفارّين
القتلة والسفلة والأوغاد المنتحرين
ليبيع لهم آخر ما معه من حلوى
آخر ما لُفِظَ من الزمن المهجور من الأبيات الحلوة
يعُطون الشعر مَفَرّاً فى أنفسهم
يعطيهم.. بعض السلوى
-------
في زمنٍ ما
كان الشعر يُرَدّد فى الطرقات
ويتردد فى الليل على السمّار
ويدخل كل بيوت البلدة.. يأمن شر الصبْيَة
يركب فى الحرب الخيل ويشعل معركة التحرير
ويترك للغير غنائمه بحثا عن أغُنيّة
يبحث عن شرف للفرسان وعن قُبَلٍ للموتى
عن ليلٍ فيه قمرٌ وصبيٌّ وصبيّة
كان الشعر شجيرة حُسْنٍ تنمو فى سنوات السلم وتفقد حين تنام مع الليل العذرية
عرسٌ يتكرر فى أعياد إله الإخصاب
يصير الشعر عروسا وجوادا وعناقا للجُمَل الليلية
تتطاير أبياتٌ سكرى
تتلقفها الأطفال فتثمر فاكهة في العينين ورؤيا
للرب.. لآلهة تتبادل أقداح الخلق وأنخاب الحرية
كان الشعر صديقا للرحالة والعسكر والصنّاع وأهل المعبد والعاهرة الثكلى والراقصة الليلية
إني لا أعرف بالتحديد لماذا صار الشعر عبيط القرية
-------
يأتي زمنٌ.. تتكاثر فيه استفسارات تلامذة الحفريات عن الزمن الغابرْ
عن شكل الشاعرْ
الشاعر مرحلة وسطى بين الإنسان القرد وبين الإنسان الطائرْ
-------
يأتي زمنٌ.. سيدور حوار بين الناس وبين الشعرْ
يفقد في آخره الشعر الصبرْ
فيشدّ الشَّعرْ
قولولي ماذا أعطيكم؟
ماذا تعطيكم يا أخوة رائحة الزهرْ؟
إني لا أعرف كيف أعيد القدرات الجنسية للعاجز
لا أعرف كيف أعيد الغائب
إني لا أفعل أكثر من معجزة السحرْ
لا أفقس بيضا لكني.. أربطكم في أجنحة الطيرْ
لا أزرع عنبا لكني.. أدخلكم في دائرة السُكْرْ
لا أحيي الموتى لكني.. أحييهم فيكم
لا أزعم أني سأصارع مَلَكَ الموت ولكني.. أفتح فيكم أبواب القبرْ
أرقد فيكم.. أنهض فيكم
أعطيكم تجربة الإحياء.. أريكم روح الأشياء
الخلق.. الخالق.. كيف تكون الزهرة فى أيديكم وتراها عين العقل
تُشَمُّ بأنف القلب.. تُلَوَّن ثانية فيكم
تتشكل فى واديكم طفلاً.. طيراً.. وجه امرأةٍ.. أعطيكم لون أمانيكم
لغة الأنحاء.. وملمس جدران الدنيا.. أرسم أشواق أراضيكم
أكسر أصوات الموج وآخذكم.. فى رحلة موت بحريّ وأنجيكم
أنْفُذُ فيكم صوتا للنور وطعم ظلام يقبع فى أصداف مآقيكم
يتحجر فى قوقعة القلب.. يدق الحائط.. يُنْهيكم
وأفكّ اللغز وراء اللغز على أعتاب مواجعكم.. وأداويكم
وأُجَرّحُكُمْ -إن لزم الحسن- وأفضحكم
وأشذ شذوذ الكون.. أُجَنّْ.. أحِنُّ الى سفرى فيكم
أرقد فيكم.. أنهض فيكم.. أُحْييكم.. أحييكم.. أحييكم
-------
يأتي زمنٌ.. يأتي زمنٌ.. يأتي زمنُ
-------

ليست قصيدة

ليست هناك قصيدة ٌ
الباب أضيق من مرور الروح ِ
ريحُ تستريح على انتفاض الجلدِ
والشباك رسمة صرخة ٍ فى وجه بردٍ لايمرّ
والليل كرسيّ ٌ عتيقٌ.. والقمرْ
مصباح زيتْ
وحبيبتى لما تعِدّ الشاي لي تنتابني الذكرى
ويخلو الجسم من أركانه الثلجيةِ.. الدفءُ الذى يأتي به الفنجانُ يدخل فى لباس النوم ِ
أنهض كى أحس بأنني فى البيتْ
أغفو على الشباكِ.. كنت أحاول التذكار فى خشب المقاعدِ
والهواء يمر من بين الحواف.. يوقظني السؤال
النوم والشاى المُدَلى
أي ّ من الاثنين أحلى؟
ـ ـ ـ ـ
لا يا حبيبة لا أريد النومَ.. طاب مساؤكِ
لن أنسى إطفاء المصابيح الصغيرة
نوما هنيئا.. أيقظيني في الصباح..
لأنني فى هذه الأيام لا أصحو كثيرا
ـ ـ ـ ـ
النوم أصبح مأزقًا.. يأتي بلا وقت ٍ.. بلا سببٍ
بلا طير يحلق فى الجفون قبيل أن يأتي ليعلن عن مجيء النومْ
النوم يدخل جلستي.. كوفيتي.. همسي الأخير.. غياري الصوفيّ.. مأدبة العشاءِ
مناقشات الأصدقاءِ.. تذَكّر الأيام -هل مرت بنا حقا؟- وهل كنا الذين يقصّ عنهم هؤلاء القوم؟
من هؤلاء؟؟ الأصدقاء بلا وجوهٍ.. والوجوه بلا جرَِسْ
ما عدت أذكرهم وهم حولي ضبابٌ فى خرَسْ
أغفو ويوقظني السؤال
النوم والتذكار والشاى المدلى
أيّ من الميتات أحلى
ـ ـ ـ ـ
اليوم أعرف حين أنظر للكتابة فى الجريدةِ
-ليس حرفٌ واضحاً إن لم أضع نظارتي-
اليوم أعرف أن عاما قد مضى
فشرابي الصوفيّ أسمك.. رُوبي الصوفيّ أطول..
كلبي المجنون من زمن ٍ يحط بجانبي
لا عاد يصرخ أو يكسّر أو يجيء على ندائي
اليوم أعرف أن شيئا من حماسته انقضى
اليوم أعرف.. أن عاما.. قد مضى

Thursday, August 02, 2007

هامش


من هذا الهامشِ.. من أعلى لحظات الضعفْ
يزحف شِعري جيشا من نملٍ فى عرش الأمسْ
من هذا الهمسْ
تتولد إيقاعات الزمن القادمْ
من هذا الركن الناعمْ
أشحذ نصل السيفْ
وأبايع نفسي

سكين أخضر

أحتاج لسكين أخضر
أوغله فى صدر الشر
أحتاج لسكين أعمى
يتصيد حتى الشر بقلبي
يتعقبه حتى قتلي
أحتاج لسكين أخضر
يحصدنى حتى أتحرر
من قسوة هذا القلب الأعمى
(1992)

أغنيــــة

كم كان حلواً.. حلواً كانْ
وكان شيءٌ.. شىءٌ ما
يكاد يصبح فى الإمكانْ
لكنّ طيراً..طيراً طارْ
وضاع فى جنبات الكونْ
وكنت أرسم بالفرشاة
وتمسح الصفحات اللونْ
وكان لونٌ.. لونّ مـا
تكاد تشربه الصفحاتْ
لكنَّ هذا الدفتر صارْ
للبيع مع كل الصندوقْ
لما شرعت أبيع الدارْ
وأضيع فى جنبات السوقْ

سيدة المسرح

قابلت امرأةً في الطرقات فقلت لها
سيدة المسرح
كانت من قبل تمثل أدوار الملكات فصارت ملكة
إني شاهدتك قلت لها
في كليوباترا تنسكبين مع الضوء ليونة
في ميديا تنفجرين جنونا
وشهدتك تحتضنين أوديب وهملت والمجنونا
وأنا يا سيدة المسرحْ
تابعت عروضك من أسوان إلى سينا
قالت لي شكرا
قلت لها
مُذْ أن قُلَّدْتِ يا سيدة المسرح تاج المُلكْ
وأنا أتمنى أن ألقاك مصادفةً
قالت لي شكراً.. قلت لها
سيدة المسرح كدت أجنّْ
جئتك من قبل وأوقفني مسئول الأمنْ
أفهمته أني أحد الناس المنبهريـــنْ
أفهمني أنك تجتمعيــــنْ
ظهري مستند للشجرة
شهرّ ولّى.. شهران.. ثمانيةٌ.. عشرة
لا بأس.. فإني أفهم كيف يطيل الصحفيونْ
سيدة المسرح.. كدت أجنّْ
هذي جلنارْ
زهرة أعمال العبد المتواضع للفنّْ
هذي جلنارْ
قصة سيدةٍ..
رحماك.. لا
لا تمشى يا سيدتي الآنْ
لا تمشى يا
لا
ـ ـ ـ
الضوء الأخضر يُمنَح فى بعض الأوقاتْ
لتمرّ عليـــك السيــاراتْ
1987

قصيدتي دائرة الألوان - مجلة دبي الثقافية عدد أغسطس

في قلبي دائرة الألوانْ
تدرينْ؟
تلك الدائرة الخشبية..
كنا بالأمسْ..
فى معمل مدرستي ندفعها.. ندفعها.. ندفعها.. يا سبحانْ
فتظل تلفُّ تلفُّ تلفُّ تلفُّ تلفُّ تلفُّ تلفُّ.. لتعطي لون الشمسْ
ـ ـ ـ ـ
أحمر فى القلبْ
النهد الخنجر يُرشَقُ فى زاوية القلبْ
النهد الحلمْ
جسد لامرأةٍ أو لقتيلٍ أو لثريدٍ.. أشرب كأس الدمْ
الإيقاعاتُ الإفريقيةُ.. وشم النار على خد الأطفال.. اللهبُ.. الشهبُ.. القنبلة اليدويةُ.. ليلتنا الحمراء الأولى.. الثانيةُ.. الثالثةُ.. الألفْ
النهد السيفْ
أرشقْني فى صدر امرأةٍ عاشقةٍ ننجب لك ثورة
أحمر فى القلب.. مساحة موتٍ أو ميلادٍ حرة
ـ ـ ـ
أصفر فى القلبِ.. مخاض القمح.. أغارُ أغارُ أغارُ
الوردة صفراءُُ يا أغبى من قابلتُ.. أحبكِ
أشعل رأسي الخوفُ فأنبت زهداً
الوحشة.. رعشة إصبع تبغٍ.. تبتسم الصفراء صفاراً.. ألفظ حقداً
أصفر فى القلب وفى الأمعاء وفى الأسنانْ
ثابتةُُ دائرة الألوانْ
ـ ـ ـ
أخضر فى القلبْ
يقول الشعراء كثيراً فى اللون الأخضر
أما عني.. سقط الورق الأخضر منذ سنين
وتعرت كل الأشجارْ
وامتد خريف مثل الدود وخرب تجربة الإثمارْ
لا أعرف عن لون الخضرة
إلا الفكرة
إلا.. ما لم يكن الألوان الأخرى
ـ ـ ـ ـ
فى القلب بنفسجةُ تمنحني لون الحزنْ
الدفء.. الصمتُ المتأهب للصوتْ
أو للموتْ
امنحنى طلاء بنفسجةٍ.. أمنحك دموع الناي.. وسحبةَ قوسٍِ فوق كمانْ
(تبدأ فى السعي على مهل دائرة الألوان)
ـ ـ ـ ـ
أزرق فى القلبِ استوقفَ دائرتي القزحيةَ
يفتح ضوء القمر الأزرقَ.. موج البحر الأزرقَ.. وجه الموت الأزرقْ
رجل يُخْنَقْ
أتشتت فى الإيحاء الأزرق بين النجمْ
وثلوج الفمْ
أزرق فى القلب.. نبيّ الفجرْ
فيروزٌ يتدفق فى لؤلؤة القلبْ
والبردُ البردُ البردُ البردْ
وعلامات الضرب
ـ ـ ـ ـ
في قلبي دائرة الألوانْ
تدرينْ؟
وقفت من زمنٍ.. أو قولي.. أبداً لا تتحرك.. حتى ألقاكِ.. فى الأسبوع الماضي
أشعر أن الدائرة الصخرة
صارت حرة
دارت دورة
دورة
دورة
أَخَذَتْ دائرة الألوانْ
تبرح ناصية النسيانْ
واليوم صحوت على صوت فى القلبْ
وعرفت الآن
كيف استبقيتُ اللون الأبيض فى قدس الأقداس وفى حرم الأحرام وفى ركن الأركانْ
وصحا فى القلب القلبْ
ورحلتُ الى سنوات الدرسْ
وانتعشت دائر ة الألوان
لتظل تلفُّ تلفُّ تلفُّ تلفُّ تلفُّ تلفُّ تلفُّ تلفُّ تلفُّ تلفُّ تلفُّ
فتعطي لون الشمس
ــ ــ ــ ــ

همس النخيل


نعمات ريفية كادحة من قرية إمياي، لديها من السنوات 45 ومن الأولاد ستة، تعمل قفاصة -تصنع الأقفاص- مع زوجها من ثلاثين عاما، هي أول من يستيقظ بالبيت، توقظ زوجها هامسة لنفسها (ده احنا لو ريحنا يوم ما نلاقيش نوكل العيال)، تلتئم الأسرة حول الطبلية، الكل يأكل مما تيسر ونعمات شاردة في أغلالها ما بين تعب جسدي مستمر وفقر بيّن وقدر موجع أعطاها ولدا وبنتا من الصم والبكم (عذابي الحقيقي إني كنت بشوف زرع بطني بيدبل من حواليا).. ولكن نعمات لم تستسلم، بل أصرت على أن يتعلم أولادها وبخاصة المعوقان (الاثنين دول لازم يتعلموا.. أسيبهم لمين؟؟)..

نتابع مسيرة هذه الكتيبة من المنزل للزراعية حيث ينقسمان لمجموعتين: مجموعة الدراسة ومجموعة التقفيص.. الأولى بها محمد وإيمان –المعوقان- وأختهما سحر، والثانية مكونة من نعمات وزوجها وابنيهما أسامة وإبراهيم اللذين لم يحرزا تقدما تعليميا فاستسلما لجحيم التقفيص.

نحن الآن في الورشة، اللقطات القريبة والمتوسطة التي تميز الفيلم كله تجبرك على أن تعيش خنقة هؤلاء الناس لمدة 14 ساعة يوميا، (ده عرقنا احنا الأربعة في القفص 57 قرش!!) بينما هم يحتاجون إلى 7 جنيه يوميا لمحمد وإيمان فقط لأن مدرستهما في بنها (وأنا منبهة عليهم ماحدش يدفعلهم الأجرة ولا يستعطف بيهم)..

ننتقل لصف الصم والبكم بينما صوت نعمات الداخلي لا زال يصاحبنا، ثم ننتقل إلى ورشة التقفيص حيث تعيد المخرجة لحظة من الحياة دون أن تشعرك بأنها فارقت الأسلوب التسجيلي للفيلم.. فلأنها (مهنة متعبة والجميع تعبان منها) يترك الابن أسامة الأعواد ساخطا للحظة فتسأله نعمات (مالك يا عين أمك؟) فيجيبها (دماغي مصدعة) فترد نعمات ما بين مطرقة العوز وسندان الأمومة (قولة انك تعبان دي بتزعلني لأن أنا أم.. حعملك شاي بس اشتغل).

الوحيدة التي لم نرها من الأبناء حتى الآن هي زينة التي أخذت الدبلوم وتزوجت، فهل نجت من قبضة التقفيص؟ أبدا.. تزوجت قفاصا وصارت مثله قفاصة وهي الآن تزورهما في الورشة ومعها ابنها الرضيع، تسألها الأم لماذا رضيت بهذا العمل؟ فترد زينة عليها: ولماذا رضيت به قبلي؟!(بيؤثر في نفسي أما بشوفهم حواليا وبيشتغلوا امال كنت بعلمهم ليه؟؟) تقولها وقد اجتمعت الأسرة كلها في الورشة.. وحين تذرف نعمات دموعها الحقيقية التي لا جليسرين فيها فلابد لكل بشر أن يبكي معها..

في المساء يعودون، نعمات شاردة فيما تحمل من هم (كنت كل ما أكون راضية بحالي تفاجئني الدنيا بشيء أصعب من اللي قبله) ثم تركز مع ابنها محمد الذي يتابع مع أبيه وأخويه المباراة محاولة قراءة أفكاره (آه يا ابن بطني.. اليوم انت اللي بتربيني!) .. أليست كلمات نعمات عذبة وصادقة؟ (أنا عشت جوة قفص ماعرفتش أبدا أخرج منه).. ثم تستدرك (هو أنا لوحدي؟ ما كل الخلق مزنوقين برضه جوه قفص!)

وتلتقط المخرجة هذه الاستعارة لتخلق لحظة ختامية مشحونة حيث نعمات تتقلب في سريرها وطرق التقفيص في أذنيها من جهة ولقطات من الورشة من جهة أخرى إلى أن تحمل نعمات الحفيد وتنظر للبعيد في عشم عكس نظرتها الحقيقية في فراشها للغد الغادر وعيناها متوجستان لتهمس (يا ترى حيحصل جوة القفص حاجة ثانية حلوة؟؟).

"همس النخيل" سيناريو وإخراج شيرين غيث خريجة معهد السينما عام 1996، إنتاج قطاع النيل للقنوات المتخصصة عام 2006، تصوير وائل يوسف وشريف شعير، مونتاج سامر ماضي، وقد حصل على جائزة أحسن فيلم تسجيلي وجائزة الإبداع للمخرجة بمهرجان الإذاعة والتلفزيون، وأحسن تسجيلي فوق 15 دقيقة بالمهرجان القومي للسينما، وجائزة لجنة التحكيم بمهرجان النيل لأفلام البيئة.