(هذا كتابي اقرأهٌ باسمِ عذابي
إن
عادت الأسرابُ للأسرابِ
إن
عاد ما بين الفصولِ ربيعُنا
وَسَعَ
اللقاءُ بملتقى الأحبابِ
هذا
كتابي، قصتي وصديقتي..
ولدي
الذي ضيعتُ فيه شبابي)
-------
هذا
الكلامُ كتبتُهُ من زورقي
والبحرُ
يعصرُ سائرَ الأجنابِ
بحرُ
الثلاثين الطويلُ وقبلَها
بحرُ
الرمالِ بمُسْتَهَلِّ شبابي
شابٌ
وأشعرُ أنّ موتي حائِمٌ
وأخافُ
موتي قبل نشرِ كتابي!
هذي
رسالةُ غارقٍ ألقى بها
ومضى
يكافحُ في سبيلِ مَثابي
شابٌ
وحَمَّلني الأمانةَ.. ها أنا
بالدمعِ
مائي.. والقصيدُ ترابي
-----------
يا
ساحلَ الخمسينَ هذي
سفينتي
أخشابُها عَظْمُ الشبابِ الخابي
هذا المُغَنّي في عروقي لم يمُتْ
بالأمس وشوشَ لحنُهُ أعصابي:
(افرحْ بأبيضِ سالفيْنِ ولحيةٍ
خبروا المعاركَ من صِبا لشبابِ
وانظرْ وراءَكَ لحظةً ثم التفِتْ
واقطفْ عناقيدَ الخريفِ الكابي
لا تضمحلّ كما انطفى نجمٌ مضى
يُخفي على مرِّ الشبابِ كتابي
قاومْ لآخرِ قطرةٍ أو نبضةٍ
وانصُرْ جنونَكَ في الوغى المتغابي!
فالنخلُ يضمرُ والجبالُ لها مدى
والبحرُ حتى البحرُ ذو الدولابِ..
موجٌ يكرُّ على الشواطيِء عابثاً
فيفرُّ للزمنِ المحيطِ شبابي)
---------------
قد عدتَ يا يومي فكيف وجدتَني؟
يا يومَ ميلادي وخصمَ حسابي!
دنيا العَفِيِّ بقبضتيَّ تعَطَّفَتْ!
يمناي سيفي واليسارُ كتابي
أنا لن ألينَ لمن يوسوسُ في دمي
ما دمت أغرزُ في الحصى أنيابي
لكنني تَعِبٌ وسَقْمي حقَّ لي
دهراً أطوفُ بغلظةٍ وخرابِ
لم أبدأ الحربَ الضروسَ بعالمي
هو لم يحب ملامحي وعذابي!
جئتُ الحياةَ مسلحاً لكنني
أرسلتُ وردي قبل فتحِ البابِ
قذفوه في وجهي، بوجهي زمجروا!
فخلعت وجهي ضارباً ضَرَّابي
كم كان عمري؟ كنتُ أحبو صافياً
فشممتُ عدواناً على أبوابي
من يومِها وبكلِّ يومٍ بعدَها
تغزو الشواهدُ والشهودُ لُبابي
فَسَيُظْلِمونَك كلما لمحوا ضيا
وسيَظْلِمون اللَّيَّ في الأترابِ
يا قارئي مهلاً جنوني لم يكن
إلا بُعَيْد مدافعٍ وطوابي
لا تظلم البارانويا لم أُخْلَقْ بها!
لا تحشر الشيطانَ في أعنابي
هو عالمُ الأخوَيْنِ.. هذا قاتلٌ
وأخوهُ مقتولٌ على الأسلابِ
هذا الشريطُ مثبَّتٌ في نُطفتي
تاريخُ أجدادٍ بلا ألقابِ
الخلقُ مرصوصُ الظلالِ وكلُّهُم
عبدٌ قديمٌ خَرَّ للغلابِ
فاصبرْ علي هذا الخطابِ لربما
جاء اليوبيل ليستقيمَ خطابي
لا لست أنوي الحزنَ.. لكن.. فاترٌ
كمسافرٍ بمحطةِ الأغرابِ
-----------
هذي استراحةُ من يحاربُ داخلي
ظلٌّ وبتّاوٌ ورشفةُ حابي
نيلي وأشجاري وأرضي.. كلُّهم
مجني عليه مسخَّرٌ لمُرابي
طيفُ المحاربِ منهَكٌ.. لكنهُ
يصغي لشكوى تُرْعَتي وتُرابي
مددتُ جسمي فالتصقتُ بتربتي
أسبلْتُ جَفْني للصدى الهَرَّابِ
بدني ثقيلٌ.. ألفُ طنٍّ ربما
وعلى النقيضِ تطايرتْ أعصابي
فارقتُ لحمي في هفيفٍ صاعدٍ
ولمحتُ ذاتي من عيونِ عُقاب!
حتى ابْتُلِعْتُ بما بدا دوامةً
أسلمتُ طيري واحتضنتُ سحابي
وعجبتُ من نفسي لباردِ بَسْمَتي
وشحيحِ عطفي.. وانبطاحِ قِبابي
إن كان موتاً.. كلُّ حيٍّ ذائقٌ
أو كان خَطْوَاً.. فالفضاءُ مثابي!
أنصَتُّ للصمتِ الذي التهمَ الدُّنىَ
فأتى رفيفُ جوارحي بجوابي
إعصارُ ذاكرةِ الخماسينِ التوىَ
واجتاحَ أمسُ مَجَرَّتي أجنابي
فأطيرُ لا أنوي ولا أرسو.. فقط..
أرنو لطيفي من وراءِ حجابِ
حتى أفاق المستَظِلُّ مُحاربي
وهبطتُ من عليائِها بشرابي!
فأخذتُني بحنانِ شيخٍ عارفٍ
واسَيْتُ شَيْبي في رثاءِ شبابي
وتركتُني أهذي أكابِرُ مُنْكِرَاً
وسمعتُ ملحمتي بلا استجوابِ
الشابُ في بئري السحيقةِ حالمٌ
بتواردِ الميلادِ والإخصابِ
بحلولِ إكسيرِ الشبابِ بجثتي
بالسمِّ والترياقِ في أكوابي
عينٌ على أمسي.. وعينٌ لا ترى
فَبِعَيْنِ قلبي أصطفي أنخابي
-------------
وشردتُ في زمنِ المتاهةِ جُزْتُها
مِنْ بَعْدِ شقِّ مسالكي بحِرابي
هددتُ سيافَ البلاطِ وحارساً
وشَرَعْتُ أهرُبُ.. حاصروا أحبابي
أنذرتُ حُرَّاسَ المتاهةِ فارتَمَوْا
سخريةً.. فشطرتُ بضْعَ رقابِ
إن ذاعَ أني قد قسوتُ.. فَحُجَّتي
سيفُ الدفاعِ مُشَرِّعٌ في الغابِ
نَصْلي بِغِمْدِهِ.. ماردٌ في قمقمٍ
لم ترضَ أَمْني.. فاستمعْ لعقابي!
قلْ للأصيلةِ قصرُها هو سجنُها
وأنا المتيَّمُ وهي سرُّ عذابي
قصرُ العدالةِ ألفُ بابٍ خادعٍ
نَزْعُ العصابةِ عن عيونِك بابي
وبَصَمْتُ بالكفّينِ أني طيبٌ
لا توقظوا شرّي بعودِ ثقابِ
ذكرٌ بدائيٌ توَطَّنَ في دمي
خطرٌ توارىَ قَيْدَ الاستجلابِ!
هو أقدمُ السكّانِ في جوفِ الفتى
والوحْشُ قبل الشرْعِ والآدابِ
لا تستغلوا رحمتي وبشاشتي
لا تحرموني صنعتي وشبابي!
--------------
أنشأتُ تلَّاً من رمالٍ في الفضا
أمسكتُ فيه فُتُوَّتي وصوابي
وغرستُ صفصافي وجميزي هنا
وهناك.. لم أبخلْ على الأسرابِ
وربحتُ أرضاً بالكريهةِ صامداً
وضربتُ سورَ السلْكِ من أعصابي
فحرستُ مذبحهُ المقدسَ قاسياً
جَهْماً صدامياً على الأغرابِ
حتى الصحابُ إذا خطَوْا في معبدي
أجليتُهُم.. ثم اجتررتُ عذابي!
وجلدتُ تمثالي القرينَ مُطَهِّراً
بستانَ قبري من خطى قبقابي
------------
أختَ الرضاعةِ يا مخاطرَةُ اهدأي
كم مرّ من عصفٍ على أبوابي!
والعشقُ جارُ طفولتي.. ماذا بهِ؟
صبَغَ المشيبَ العاشقُ المتصابي!
كنا نسافرُ فرقةً جوَّالةً
نَزَقي وبحري، لذّتي وشرابي
أضحى الشبابُ سفينةً حربيةً
شطَحَتْ بلحنِ الوحيِ والإخصابِ
الأرضُ فتحٌ والنبوءةُ في دمي
والضعفُ خصمي والحديدُ خطابي
سيفاً حملتُ.. رأيتُ فَصْلَ خساسةٍ!
فشددتُ أجزاءَ الغبيِّ النابي!
وعلى شفيرِ العمرِ لاحَتْ واحتي
فحملتُ تلِّي موغلاً في الغابِ
وحشاً صرعتُ وكائناً متحولاً
أرهبتُ رعبي من لهيبِ شبابي
ووقفتُ وحدي.. دمعتي ممنوعةٌ
وحرستُ تلي ما شكوتُ لبابي
تلي الذي راكمتُ فيه تقشفي..
شَبَقَاً على نَهَمٍ على لبلابِ
شبعاً أصبتُ على حدودِ فضيلتي
والجوعُ ينخُرُ سائرَ الأجنابِ!
------------
قابلتُ في سفري المُحالَ بتاجِهِ
وبِطَلْسَمَيْهِ.. بعقربٍ وغُرابِ
خضتُ الكبيسةَ.. غَزَّني وجرحتُهُ
دفعَ الكلابَ.. رددتُها بذئابي
الوحش في كَبِدي.. المهرِّجُ توأمي
والساموراي بسيفِهِ عَرّابي
-----------------
الأربعونَ.. جبالُها.. شلَّالُها
وكلُّ سهلٍ ينتهي بهضابِ
الشاب أفسحَ حيزاً بجوارهِ
لأخٍ كبيرٍ ثابتِ الأكعابِ
مزقتُ وهمي واعتقلتُ ضلالتي
وفرشتُ كَوْني واستعدتُ حسابي
طاردتُ أشباحي وعدتُ رثيتُها
بدمٍ يحِنُّ لدائهِ الجذابِ!
الكونُ كلُّهُ كان ضدي؟! نكتةٌ!
وضحكتُ لكنْ.. بعد طول غيابِ!
الكونُ أرحبُ من نميمةِ كائنٍ..
حَشْوٍ.. بهامشِ كوكبٍ كذّابِ!
ومسحتُ سيفي.. فيهِ مَسٌّ غامضٌ
وسحبتُ فأسي كي أشُقَّ منابي
وعصرتُ جمجمتي.. نزفتُ شوائبي
فَنِّي ثوابي.. والفناءُ عقابي
--------------
العمرُ أولُهُ سؤالٌ عابرٌ
كالذنبِ يكبُرُ.. كالدمِ المنسابِ
لَطَشاتُ فرشاتي وحَفْرُ خناجري
ألمي على الجدرانِ والأبوابِ
هذي الجدارياتُ تحكي نيَّتي
دهنُوا فأخفَوْا ما بهِنَّ.. وما بي!
تلي حملتُهُ من رمالٍ في الفضا
لقرى تئنُّ.. تحِنُّ في أعقابي
لمدائنِ القطرانِ.. لا رئةٌ بها
شُلَّ الجناحُ.. تساقطوا أحبابي
فحملتُ تلي، والمسَلَّةُ شدتُّها
عدَّدْتُ أحلامي بها وصعابي
دونتُ كلَّ معاركي وغنائمي
وسهوْتُ عن ندَّاهَتي وسرابي!
ومضى شبابي حملةً مغرورةً
يغزو ويضحكُ سيفُهُ بجرابي
أنفقتُ من بنكِ الحياةِ على غدي
ولَقِيِتُ شؤْمَ الحربِ بالترحابِ
وأخذتُ من تلي أرممُ ثغرةً
من ثغرةٍ.. فتصارعتْ أقطابي
ومضيت أسألُني وكلُّ إجابةٍ
ترتدُّ غامضةً ببعضِ عتابِ!
--------------
هذا هو العمرُ.. النسيمُ.. حياؤُهُ
يأتي ويمضي خافتَ الأعقابِ
نغَمٌ يَرِفُّ من الطيورِ إلى الخلا
ومن الخلا للفرخِ في الأسرابِ
خمسون عاماً! أين كنتُ؟! ومن أنا؟!
أثري اقتفيتُ فما أصبتُ جوابي
التل أحملُهُ وفيه منازلي
وغوامِضُ الأغوارِ والأعتابِ
حَصَّنْتُ كهفاً واسترحتُ لغفوتي
وصحوتُ ملهوفاً على استغرابي!
----------------
وإذِ التقيتُكَ يا محالُ مجدَّداً
والعمرُ يغلي تحت قِدْرِ شبابي
فقفزتُ خلفَكَ في العبابِ مصارعاً
خوفي.. زَعَقْتُ على العباب عبابي
خضنا الوقيعةَ قعقعتْ ضرباتُنا
سَجَت النسورُ ترقباً لمصابي!
حتى تعاقبت الفصولُ ذبحتَني
فسألتُ ربي جرأتي وشبابي
فأفقتُ في الدهليزِ.. حمداً لم أمت!
عصَّبْتُ عنقي واستعدتُ رِكابي
وأغرتُ يسبقُني دعاءٌ غامضٌ
وتفاؤلٌ ينسابُ في أعصابي
فأصبتُ منك الأنفَ.. شاعت بعدها..
أنفُ المحالِ ممرَّغٌ بترابي!
الغولُ والعنقاءُ والخلُّ الوَفِي!
ما المستحيلُ وكلُّهُم أحبابي؟!
الغولُ غولي وهو صنْوُ كرامتي
وأنا الوليدُ من اللهيبِ الخابي
والخلُّ ما أوفاهُ! كنزٌ غاطسٌ
فاعتَبْ على الغَطَّاسِ.. لا الأصحابِ!
------------
يبدو كلامي خُطبةً لمصارعٍ
ثاوٍ على العضلِ القديمِ يُحابي
عمري كأرضي.. قطعةٌ صخريةٌ
ومن الشقوقِ براعمي وعجابي
خمسون عاماً.. أيُّ رقمٍ واضحٍ!
لا لبْسَ فيهِ.. كداكِنِ الأعشابِ
لك أن تحيطَهُ بالنضوجِ وترتدي
ثوبَ الحكيمِ وفاخرَ الألقابِ
لك ما تشاءُ من التعازي.. كلُّها
ما دمتَ لم تسمعْ نعيقَ غُرابِ
ورضاك بالأمرِ المطاعِ مُسَكِّنٌ
لولا المرايا لم أعُدْ لصوابي!
أحلامُ سوبرمان! أحلامي بهِ
جِينُ البطولةِ شهوةُ الأحقابِ
هل قُدَّ من صخرٍ؟ وهل ماءٌ بهِ؟
أيّ الكواكبِ زارَ؟ أيّ شبابِ!
لغزُ الحياةِ كفى به زنزانةً
ألغازُ موتي في يد التوَّابِ
راضٍ أنا عن كلِّ جُرحٍ.. كلُّهُم
أولادُ عمري.. كلهم كُتَّابي
لولا جراحي ما نموتُ كنخلةٍ
في حقلِ ألغامٍ معي أسبابي
--------------
شكراً أبي شكراً لأمي.. بيتُنا
أختي الصغيرةُ.. ضحكُنا.. ألعابي
شكراً لروحِكِ أمَّ عبدُهْ.. لم تزلْ
ترتاحُ في ركنٍ بِطَيِّ ثيابي
شكراً لعائلةٍ غزيرٍ وِلْدُها..
لتعلقِ الأرحامِ بالأصلابِ
شكراً لأعراقِ الصعيدِ وفُرْنِها
لخبيزِ أقباطٍ على أعرابِ
شكراً لدلتا النيلِ فتحةِ صدرِنا
للشمسِ، للنسماتِ، للآدابِ
شكراً جدودي خلَّدوا بصماتِهِم
ما ذنبُ جامعةٍ بلا طلابِ؟!
شكراً لحور الصقرِ.. للْعَيْنِ التي
فدت الخليقةَ من لدُنْ وهَّابِ
شكراً لملحمةِ النماءِ.. لجذرِنا
شم النسيمِ.. تعاقبِ الأعتابِ
شكراً مليكي الحرَّ أحمس قائدي
كشَحَ الطحالبَ لم تقمْ لإيابِ
شكراً لعمالِ المدافنِ حالما
طلعوا على الفرعونِ بالإضرابِ
شكراً لأولِ ثورةٍ بحقولِنا
إعصارُ فوضى أم نعيم كلاب؟!
شكراً تحتمس.. لم أبايعْ بعدَهُ
والعرشُ بين عفونةٍ وذبابِ
شكراً شهيدي الحيَّ زمزمَ أُمَّتي
فيضَ الفداءِ ورُقْيَتي بمصابي
شكراً لمومياءٍ وثقتُ ببعثِها
نوديتَ باسمِكَ فاستقمْ لحسابِ
شكراً لماعت.. كفتا ميزانِها
وطنٌ على المنفى وثأرُ عذابي
في بسمتي وعْدُ الحفيدِ بكوكبٍ
ووعيدُ أبناءِ العبيدِ بنابي
أنا خادمُ الأرضَيْنِ أولُها كِمِتْ
مصرُ التي في خاطري وعُصابي!
في أسرةِ الإنسانِ يبرقُ شمعُها
فنحيل موتاً عابراً لمثابِ
----------------
شكراً صديقي.. أيُّهم؟ بل كلُّهُم
كلُّ الذين تدفقوا بشعابي
شكراً رفاقَ الدربِ أنَّى قادَنا
وإنِ افترقْنا.. كلُّكم أحبابي
شكراً شبابي لافتدائك شَيْبتي
فقفي احتراماً شيبتي لشبابي
مهما أسأتُ إليه كان وقودَها
الطيشُ مني.. والخطى للشابِ
--------------
شكراً لمن جاد الزمانُ بسحرِها
وقفتْ لسحري.. طهَّرتْ جلبابي
فرزتْ جميعَ قواقعي بنعومةٍ
وتحسَّستْ تلّي بدون عتابِ
هذا هو الحبُّ الذي اختصر الفتى
فختمتُ في بيتِ القصيدِ كتابي
3 comments:
رائع
شكرا لمن كتب القصيدة إنما
كتب المشاعر فوق جدران شغافي
دوما رقيقا خالدا عرفته
و لكم أعجبتني دوما قوافي
كشاعرٍ أقف أمام قصيدتك عاجزا عن نقدها فوالله ثم والله ما أرى إلا انك جنيت على الشاعر خالد الصاوي بالفنان خالد الصاوي .. وأربأ بك من ان يكون تعريفك الذي تكتبه عن نفسك في اي محفل هو الفنان قبل الشاعر بل الشاعر قبل الفنان
أجدت وأحسنت رغم الإطالة ، وطوّعت الكامل
حتى ليبدوا في بعض الأبيات سهلا ممتنعا وممتعا لأبعد حد ..
واستنزفت في محطات رحلتك تلك دمع القاريء حتى ليكاد يشعر بانك ترثي نفسك، ثم لا ألبث ان أغبط
فيك خصلة العرفان بالجميل، وأغار من قوة صبرك وجميل العرفان بالحب وقد ختمت به أروع ختام كما هو رائع استهلالك القصيدة التى راحت تحكي من تلقاء
نفسها قصتها التي واختارتك أنت بطلا لها ..
القصيدة كلها رائعه و بعض الأبيات في قمة الروعه .. لا املك كشاعر إلا ان
احسدك عليها ، من ذلك :
لم أبدأ الحربَ الضروسَ بعالمي
هو لم يحب ملامحي وعذابي!
بدني ثقيلٌ.. ألفُ طنٍّ ربما
وعلى النقيضِ تطايرتْ أعصابي
الوحش في كَبِدي.. المهرِّجُ توأمي
والساموراي بسيفِهِ عَرّابي
غربة المثقف، وهذا التضاد النفسي، والقدرة عللى نقد
الذات ورؤيتها والتعبير عنها بهذا الجمال الرائق في
حروفك من شيم الشعراء الكبار ، ناهيك عن حسن المقابله بالمعنى مع سهولة الألفاظ برغم عمق المعنى ..
العمرُ أولُهُ سؤالٌ عابرٌ
كالذنبِ يكبُرُ.. كالدمِ المنسابِ
لَطَشاتُ فرشاتي وحَفْرُ خناجري
ألمي على الجدرانِ والأبوابِ
الغولُ والعنقاءُ والخلُّ الوَفِي!
ما المستحيلُ وكلُّهُم أحبابي؟!
البيت الأخير في هذه القطعه ، هو انت كما اعرفك..
بلا زيادة .. وأزعم ان من يعرفك حق المعرفة ، لا
يملك إلا أن يبادلك هذا الحب فعلا
لا تظلم البارانويا لم أُخْلَقْ بها!
لا تحشر الشيطانَ في أعنابي
هو عالمُ الأخوَيْنِ.. هذا قاتلٌ
وأخوهُ مقتولٌ على الأسلابِ
لخصت عالمنا في بيتي شعر، وتلقى للقاريء تلخيصا
حيا لتضاد العالم الذي نعيش فيه، حتى انك إن انفصمت
فيه فلا ذنب لك، وإن جننت فيه، فهو عالم مجنون في
الأصل ..
حبوت الناس ودك، لكنهم آثروا أن يضموك إلى عالم
متطاحن، فلم تجد بدا من التطاحن فيه، والتعايش بما
يريده، إن كان البقاء للأقوى .. فليكن .
أي جمال وشاعرية في قصيدك ..
ثم لم تلبث أن تختم مؤكدا على الإنسان ، ومتمما هذه
المعلقة، بكل ما فيها من حياة زاخرة، تقوى وتضعف،
من الصبا للشباب للخمسين، لم تشأ ان تترك للقاريء
ختاما إلا اجمل ما يختم به الإنسان حياة بهذا الرقيّ ..
الحب .
هذا هو الحبُّ الذي اختصر الفتى
فختمتُ في بيتِ القصيدِ كتابي
كما قلت .. روعة النهاية لم تقل عن براعة الإستهلال
أحسنت وأجدت
عروضيا تفحّصت القصيدة، بحر الكامل ، صحيح
العروض، ومقطوع الضرب .. في صورته التامة ..
ولم اكن لأعرف عندما قرأت لك شعرا متحررا من
الأوزان أنك متمكن منها للحد الذي يجاوز الأربعين بيتا
على الكامل .. الآن أشعر بالخجل منك عندما علقت -
هناك- على تويتر ، على أوزانك فلم أجد حتى في
اوزان القصيدة اي تكلف! حتى انك ادخلت الفاظا
غربية (كالبارانويا) وطوعتها عروضيا بسهوله ويسر
في سياق السرد والنظم بأفضل ما يكون ..
سعيد جدا بمعانقة هذه القصيدة أستاذي، وأسعد اكثر
بالتواصل معك وعن خمسينك أرى أنه لا داعي للقلق،
فما تنسمته هنا من عبق الحياة وجمال الشاعرية
يؤكدان انك في عنفوان الشباب ..
___________
رجائي دائما أن تكون بخير الصحه والعافية أستاذي الذي هو عندي الشاعر والفنان خالد الصاوي
محمد إسماعيل سلامة
Post a Comment