Monday, March 05, 2007

هى والتشيلو (من مجموعة يوميات خلّود

كان التشيلو ينسل الى الأذان المصغية .. كان عميقا بلا حدود .. وكانت هى جالسة هناك .. فى ذلك الركن الأنيق .. بشعرها الكستنائي الطويل ... وفستانها الأبيض الطويل ذى الفتحة الطويلة .. وكانت ساقاها الجميلتان الطويلتان تنام إحدهما على الأخرى فى دعة وسلام أبدى.. وكانت أحجار الفيروز تزين أذنيها وصدرها وأصابعها الجميلة .. وكان هو واقفا ينظر اليها بشعره المجعد وشاربه ولحيته المنسدلين على ملامح وجهه الباهته ..
شاهدها تنظر اليه للحظة قبل ان تعود الى متابعة العازف .. تذكر أنها باتت ليلة فى حضنه ذات مرة منذ زمان بعيد.. بعيد جدا.. كانا يومها يجلسان وسط ذلك الجمع بين الأشجار كثيفة الأوراق مرتخية الأفرع.. كانا يتابعان مع ذلك الجمع دقات ذلك الرجل علي الطبول..وكان هو عاري الصدر .. وكانت هي عارية الصدر ..رقصا مع من رقصوا.. تمناها وتمنته... وناما في ركن من الغابة حتي تسلل الضوء الي غفوتهما .. وتذكر انه احبها ليلتها..
نظرت تجاهه مرة اخري وهي ترفع الكاس البرتقالية الي شفتيها ... ثم عادت تتابع التشيللو.. كان التشيللو عميقا.. كهوة بلا قرار.. تذكر انها حملت منه ...وانه اخذها هي والطفل الي مكان بعيد.. وعلي شاطىء البحر اقام ثلاثتهم ... فى البداية كان البحر مخيفا ، ثم صار بعد فترة صديقا.. كانا ينزلان البحر .. ويضحكان .. وكانت هناك شمش ترش الدفء والرؤية .. وكان المكان خاليا.. وهناك عاشا سنوات وسنوات..
نظرت الية ثانية وهى تصفق للعازف بعد الوصلة الاولى .. ثم التفتت عنه الى جارها فى الاريكة الفخمة ذات اللون النبيذى.. تذكر انه حملها وهو يعبر بها جدول الماء .. وكانت محمومة .. أخذها الى القبيلة الأم ...داواها الكاهن ... ثم حملها وعاد بها الى شاطئ البحر عبر الغابة وجدول الماء والاعشاب التى كان عليها تناولها كلما تعبت ثانية ... ولم ينم حتى شفيت ... وحين عادت كما كانت جميلة .. ناما سويا فى احضان بعضهما ليلا طويلا حيث كان القمر عينا مبتسمة فى السماء.. لم يكن هناك برد.. لم يكن هناك برد مثل هذا الذى يحسه الان وهو واقف بينه وبينها زجاج الفيلا.. يبحث عن شىء يأكله فى صندوق القمامة بجواره... خائفا من مجيء الشرطيين الليليين اللذين يصفعانه على قفاه كل ليلة اذا لم ينصرف فور رؤيتهما ... واذا كانا كريمين ولم يأخذاه الى القسم للاشتباه فيه..
حين جاءه ذلك الخاطر نظر اليها نظرة أخيرة قبل أن يستجمع قواه ويشير إليها ساحبا طرف جلبابه القذر بأسنانه تاركا على الزجاج دموعا تخصه وبعض الدماء حول الكسر الذى أحدثه قبل أن يركض حافيا ممزق الشريان فى الكف والقدم.

12 comments:

maha said...

سلام عليك يا استاذ خالد

كان حبهم جميلا و لكنه ضاع ...
تري لم ضاع..
و لم ذهب كلا منهما في طريق ؟؟؟
اين ذلك الابن الصغير ؟؟؟
اين ذهب الحب و البيت و ذكرياتهم مع البحر لصديق ؟؟؟

جميلة ..مليئة بالذكري و الخوف و رغبة في العودة للماضي

سلام
مها

الخبز و الحرية said...

هما عمرهم ما اتقابلوا.. هو هائم صعلوك معدم ومختل، وهي دمية أرستقراطية وديعة.. لكن زمان.. زمااااااااااااان.. قبل تمييز البشر عن بعض.. كان ممكن يتقابلوا.. مجرد رجل ومجرد امرأة.. بلا حواجز.. كان ممكن يتقابلوا ويتحدوا في كيان واحد..

FATMA said...

كتاباتك رائعة
بس عايزة اطلب منك طلب
متحاولش تشرحها في الكومنت هيا بغموضها بتكون احلى
منور البلوجات

Dalia said...

رائعه جدا يا استاذ خالد
اكتر حاجه عجبتنى فيها هى النهايه انا ماكنتش اتوقعها خالص

جميل وصفك للحب اللى كان ممكن يبقي موجود لولا الفرق فى الطبقات بس ... هي دى الحياه

baby me said...

ra23aaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaa

baby me said...

3agbtny awy awy m3a eny bsra7a mfhmthash awy
bs 7lwa gdn
3gbny awy elramz elly feha eno elragl elmokhtal m3ndosh ykod m3ndosh kwanin aw a3raf aw 7dod tmn3o eno y7lm b w7da mn tbaka a3la mno
y3ny elragl da rg3 ayam ragol elkahf w 3ash hwa w ely 7bha mn gher kyod 7yah bda2ya
yaaaaaaah lw el7ob yb2a mn gher kyod kda yb2a blsfa2 da
bgd mozhla
enta ra23

Unknown said...

لية مش ممكن يكونوا حقيقة واتقابلوا بس الظروف والزمن خلتها تبيع حبها للى يدفع وسابتة لالمة وجنونة بعد مرحل حبة الوحيد وامل حياتة ورحل معها عقلة الى حبها واخلص لحبها كتير قصص الحب الجميلة بتنتهى بخداع

قصة جميلة جدا

الخبز و الحرية said...

توتة انت صح وفعلا مش حشرحها تاني. شكرا لك.
داليا دي الحياة اللي قايمة على التمييز بين البشر منذ مولدهم لأسباب ظالمة الحقيقة، وعشان كده شايفها ممكن تغييرها ويلتئم جميع البشر في جسم اجتماعي واحد متعاون ومتحاب وشايف انه ممكن جدا الحقيقة.
شكرا لوست:)وانت كمان رائعة عشان قفشتيها صح:)

طبعا ممكن جدا ايوية وبمعنى ما هي فيها الاحساس ده فعلا.

Rushdy Kamel said...

استاذي الفنان خالد
مش عارف اقول ايه بجد
انا بصراحة مكنتش اعرف عنك كل ده
البوست ده جامد جدا
قد ايه انت اخدتنا في جو تاني
وحياة تانية
كلمات قوية جدا نابعة من قلب دافئ ملبان بالحب وخيال خصب وعقل اديب واعي بيكتب ايه
اخلص تحياتي

رشدي

Anonymous said...

فكرة حلوة و فيها عمق بس يا ريت بلاش الشرح لانهاممكن تمثل للى بيقراها حاجة تانية غير اللى مقصود و شكراجدا ليك لمشاركتك افكارك و ابداعك و عمقك معانا

SisSiwar said...

وكانت ساقاها الجميلتان الطويلتان تنام إحدهما على الأخرى
فى البداية كان البحر مخيفا ، ثم صار بعد فترة صديقا
رائع إسمح لي كم أنت جميل كم هي رائعة و جميلة التي يهواها قلبك أنت تجعل من أبشع إمرة زهرة و من الثلجية نارية و من الميتة حية. أنا أحييك لأنك رجل و أقول لك أو أرجوك أن تحب نفسك البهية . فعلا ما زال الخير في الدنيا. شكرا

monayamyfate said...

اه الغموض الرهيب دة مش ممكن كنت حاسة انى فى زمنين ومكانين فى نفس الوقت
اجمل ما فيها اختيار الاماكن اللى تمس اى شخص و وقاعية السرد فعلا البحر يبقى مخيف فى اولة ثم يصبح صديق
تحفة