Showing posts with label المقالات. Show all posts
Showing posts with label المقالات. Show all posts

Saturday, June 13, 2020

استطلاع

استطلاع
——
تعبك حياة جاية بتديك الإشارة 
قطر ابن كلب يشيل في وشه لواري كبة بحملها
وقوده زرعة وآدمي وحجارة
لكنه أبرأ مالحمل 
أبرأ من الكتاكيت
ملوش غرض غير الوصول
وذريعة منه ضربه للصفارة!
----
مقادير حتيجي ومن ضمن المتع جهلك بمقصود الإدارة!
خصوصا انه مالك الملكوت،
وليُّه، ومولاه الأحد
لا له شريك ولا ولد
وعشان نشوف العدل بعد طول سماعنا بيه
 من بعد ما سماه.. على ذاته عاد حرمه ..
"الظلم.. "مخلوق من دنس شبه الشيطان
لا ينفع انه يقال عليه مظلوم ولا ظالم
الظلم ما أغربه! ما انجسه!
الظلم ما أظلمه!
 والله ده عشم بن آدم في جلاله ومالعشم خرجت قناعة وشجرت رهبة ومحبة في من سمكها 
سمك البحار واليابسة  وسماواتها
وأقام عليها وسلم الملكوت لحراسها وناسها 
بصير بكل الفعال
نذير لمن يسمع 
أما لمن كابر وغره كستبانه من الحلاوة والشقاوة
او شاء بحؤ جماله او سلطانه ان يتمطع
بحركة واحدة مات وزير وحصان وطابية وفيل
حجب الأمل في الترقي قدام العساكر!
كأنه حد بيسبقك هرم وفيصل 
وتروح بولاق تلقاه بينتظرك وبين قدميه خطاياك في الدفاتر
مهما المقاوح غاص وداب مغالطة ومهما كابر
الحق اسمه ومالاسامي العدل
واحد من الأسماء يملكها ولا تعطيه 
يعطيها هو ولا يمن عليه خلقه
وكان ولسه في أيده فعصه..
من نار وغار وغروره غره وضيعه.. 
يا بخته باللي يبلغه
انه حيخسر! واضحة جدا بحيث وقع إبليس ونسله من الأبالسة 
في فخاخ بتنده بعض 
منها ما شهدنا ومنها لسه
فلم يشاهد في النهار الضؤ! لم يري في الشمس شمسا!
ولا قمرا ولا شيا
حتى خفاؤه صار غباؤه!
وصار ضعفه الغرور غبيا!
إذن فقد خسر الغبي الحرب قبلما يتهيا!
وإذن هو العدل الذي يحيا
مهما بدا هذا الكلام مكررا نمطيا
الحق حق والضياع كبير
كل ابن آدم في توابع عمره
ما كان ان ينساه
حاشاه
ما كنت نسيا ادميا 
ما كنت حيث خلافتي للأرض منسيا 
حيثما اتجهت وجهني لخيري 
أما شروري فتلك نبت يديا
——-
خالد الصاوي

Tuesday, December 13, 2016

بنت مصر عام 1956 تكشف للعالم وللتاريخ عن قطعة من معدنها النفيس

بنت مصر عام 1956 تكشف للعالم وللتاريخ عن قطعة من معدنها النفيس في واحدة من أروع حلقات مسلسلنا الملحمي متعدد الأجزاء "استقلال/كرامة/تنمية وتآخي" والممتد من المقاومة الشعبية للحملة الفرنسية وسحق حملة فريزر مع تطهير بلدنا من الترك والمماليك مرورا بمعاركنا جنوبا وشرقا وشمالا لخلق سياج مناسب لنهضتنا الشاملة ثم الثبات والصبر بعد هزيمتنا منتصف القرن 19 أمام حلف الأمم المنافقة من تركيا وروسيا لبريطانيا وفرنسا ودلاديلهم في أوروبا وبلاد العرب، ثم محاولات الاستنهاض المهادنة لأوروبا عهد إسماعيل ثم غدر بريطانيا وفرنسا به وبنا وترسيخ تحكمهم فينا من وزيرين بريطاني وفرنسي إلى تثبيت خروفهم الخائن خديو توفيق فاحتشادنا في جبهة وطنية رأس حربتها من القيادات التي كافحت لتمصير الجيش -أبرزهم عرابي والبارودي وفهمي العظيم رابط الجيش بالمقاومة الشعبية- واستماتتنا رغم ضعف تسليحنا قبالة التفوق البريطاني وهو ثمرة المؤامرة الأوروبية التي حطمت نهضتنا قبلها بنصف قرن، مع وقوعنا بمستنقع الخيانة من الحاكم وأذرعه من مرتزقة الشركس والأرناؤوط إلى قبائل العربان التي لا تنتمي لمصر ولا لبلاد الشام، وهكذا سحقنا العجل البريطاني أول القرن 19 فعاد بقطيع تغلب علينا بمنتصف القرن فرمى أساسات البناء التآمري بمكر لا ينافسه في حقارته الا البغل الفرنسي شريكه في تحطيم مصر كلما سعت للنهوض، ولكن ابن وبنت مصر ينكسران ثم يرممان العظم بصبر فيقعان ضحية طمع الغريب السفاح وطمع القريب الخائن فينزف الجسد المصري ويشحب الوجه البشوش ويخفت صوته الضاحك المحنك فتتدافع شعوب نجسة باعت تاريخها للشر لكي تشهد استسلامه التام وموت شخصيته التي تقف حجرا في حلق الخساسة والنذالة والافترا منذ اعلاننا التاريخي والأممي أننا أمة مقاتلة وراء عائلة الخير والعمران والتقوى أوزير الشهيد الحي بأعماله الخيرة والمتجدد بوفاء الست بل ست الستات وقتما كانت البشرية تمرح في الهمجية والبغي، ولولا الأصل الطيب وصحف الجدود وسعي حثيث لقرون وقرون لعقد الصلة مع نور الكون وبشراه المحسوسة في الضمائر ما ظهر أعظم رموزنا المقاتلة حور البار بأمه المنتقم لأبيه وقيمه والمصمم على أن كمت -أرضنا السمراء- وكل ما رسخه المصريون الأوائل من جبتو مصرايم وبزوغ ابن الإنسان من الوحشية بندائه لشركائه في عصور خبيئة تشكلت بها اللحمة المصرية بعملية أرقى من روابط الدم العشائرية التي عمت الكوكب دون أن تفرز شمسا أولى كما حدث هنا، "جبتو جبتو" النداء الذي تخيله الكاتب المصري الأقدم وهو نفير الاحتشاد للأجيال الأولى التي استوطنت شريط حابي وكان هذا أول توطن وخاض الجدود الأوائل حربا مقدسة ضد الهمج السريحة فومن هنا أصبحت المصرية توافقية من المتوطنين أصحاب الرؤية الأبعد والأعمق تجاه الطبيعة والتعاون والعمران -كما أبدعتها تحفة الملاحم "الجبتانا" لابد لابد لابد من قراءتها- ولهذا تقدمنا في البدء عن الجماعات الهائمة تحكمها الطبيعة وتتحكم بها الغريزة ولا تعرف معنى التضامن على تواصل التعمير لا على مجرد رباط الرحم! هذه هي من وجهة نظري قصة مصر الأصلية وسر معجزتها الغامضة، منذ تجلى رمزنا الأول "جبتو مصرايم" ليؤسس العهد والتآخي والسلام والجيرة من جهة، والقتالية المبنية على العقل مع القلب فأبعدنا الهمج وسيطرنا على النيل وطهرنا الغاب الكثيف لنضيء مسار الكورنيش الساحر من النوبة لرشيد ودمياط، نحن أمة قدست الخير ورموزه وخلقنا لفظا عبقريا يحتوي على العدل والحق والتوازن الكوني هو "ماعت" ولهذا لم نبد الشعوب حولنا وكنا نستطيع، ولم نحتل كل الاقليم ولم نستعبد الأنفس ولم نحرق المخاليق وكنا نستطيع! وهذا الفارق بيننا وبين أمم أخرى سيظهر بوضوح في الحلقات القادمة.
خلفاء ابن الشر أيا كان مسماه هم من استحلوا النهب والمذابح ، ولنا معهم جولات جديدة قريبة ليس فقط ثأرا وانتزاعا لميراثنا المنهوب ولكن لأننا أصحاب رسالة أنسنة الأرض ولكن مرضنا بالزهايمر التاريخي يعوقنا وسوف نشفى منه فنرتقي أو.. لا نشفى منه فيتم تقسيم مصر ونخفت نخفت حتى نتلاشى لا قدر الله أبدا.
شعوب العنصرية والافتراء النرجسية ببياضها زرعت الشر ببلادنا مرارا (وستحصده في أبدانها وبنيانها وخزينها وصيتها قريبا جدا، لا عاصم لها من سلاح ومعامل وبروج محصنة، ولن ينجو من عار آبائه المستعمرين إلا أوروبي منصف أو تركي ذو ضمير أو أمريكي صافي النية كما كان لنكولن الشريف الاستثنائي الأبرز بسلسال حكام أمريكا الأنجاس)
بقية المسلسل الملحمي المصري تجدونها حضراتكم بعد سنوات قليلة من احتلالنا 1882، ومن يهتم بهضم ما جرى سينتعش بشباب مصر العظيم مصطفى كامل ومحمد فريد وسينتشي ابن مصر وتشاركه النشوة بنت مصر حين يقرآن ما بين السطور حتى يصلا للقطات التي فجرت كل هذا التداعي من ابن مصر وخادم ترابها وتراثها وعاشقها ، واحد منكم وليس الوحيد ولكن المجانين بمصر عقيدة وشرفا غاطسون غرقى وسوف أقاتل غرقي وملح البحر والرمل في الحلق حتى يصل صوني لهم "جبتو جبتو" وعلى النداء العنيد رغم الوهن وضجيج الأعادي والخونة.. على النداء سيأتي رد ثم رد.. وأول البعث رد النداء ثم ينهمر الرزق ويلتئم جسد المارد العظيم..
قولوا آمين
:)
لا تنسوا أرجوكم "الجبتانا" فقد قرأنا عشرات الكتب ولكننا لم نقرأنا!
كل حبي واحترامي

Wednesday, November 02, 2016

انا اخر الفراعين!

انا اخر الفراعين!
سأحكم سبع سنين لا يسألني فيها نفر رحمة او حلما او سلاما او سكينة
بعدها اترك العالم لا يهمني كيف تدفننوني او تمجدون اثري
لن يذكرني التاريخ الا بسطور شحيحة ارتضيها:
ثم جاء الطاحن.. ففرك الارض وجوفها وماءها لمبدعيها، وسن السلاح لحراسها والشمس والرمال لعلمائها قدس الوالدين وصدم الوف الغزاة بملايين من ملح الارض، جمع النهر والبحر بحيرات تحت قدميها ، فتح الجهات ال4 بالسلاح الخفيف والشجن الثقيل
ثم نظر للسماء وكنا نخاله لا يعبد ربا نعرفه! ثم قال:
أسلم الروح بين يديك مولاي
أخذتهم عبيدا تائهين
وأودعهم فراعين في بيوتهم وحقولهم ومعامل البردي والبارود
الآن يبدأ الفنانون
ويستقيم التاريخ
وتحترم الأمم أمتي
تلك الأمم التي ستشتري نجاة لحمتها وبقاء سسلسالها
وإلا عدت في بذوري الكامنات لأنسف في كل عاصمة قصرها وفي كل قصر ركن النفاق الدنس الذي يجمع السيكوباث
الواحد بالمائة الذين يمتطون الخلق والخليقة.. حتى يظهر لهم ظهور مماثل.. وما انا الا مقصلة رقيقة في يد القدر الغاضب

الوله الملدوع اللي شمتان في ابن بلده

الوله الملدوع اللي شمتان في ابن بلده وهو لا زال رهن التحقيق وفي غربة ومصيبة اسمه ايه راس مقشة غرغريني ده حد جدعنة وخدمة لي يتبنى قطع رجله من مصر لا ييجي يزورها يغني ولا سائح ولا يسيق سلالم ولا يطوق عربيات، انا من كثر ما انا مخنوق منه حكتفي باني لو قابلته حقول اللهم زدني حلما، ولانها مش من جوايا فهو ونصيبه لكن ده يغني في مصر وابن بلده ابن مهنته متهم -والمبدأ القانوني وكلنا عارفينه بس بنتبعه عالكيف بقالنا حبة كده! المتهم بريء حتى تثبت ادانته، واهم شيء وقد عملت محاميا ونشطت سياسيا سنوات وعملت بالاعلام بماسبيرو وووووو اهم شيء ان اول ما المبدأ ده بيتني.. بيفسخ من استمرأ تنيه.. وساعتها بيعرف ان الله حق.
عموما يا غرغرينه فينا نتلاقى يا دبي يا لبنان يا المغرب اوباااااااا في وسط ملعبك.. تراك وانت بالشقلوب يستخدمك الرائح والغادي لمسح الاسفلت؟؟؟ الاسفلت قد ينظف ولكن..
من اين نأتي بمنظفات الضمائر؟

Wednesday, October 12, 2016

س سؤال: مين الأنجاس!

س سؤال: مين الأنجاس!
---------------
التاجر اللي ملوش ذمة / مش بني آدم / بل جنس وحوش
والاسطى لو عاشها مرمة / ويركن حبة / فات تركة.. قروش
والجندي لو غاص في النعمة / تنعم إيده / وتنبط جيوش
والراجل اللي ملوش كلمة / وقت الأزمة / ما بنفتكروش
-------------------
التاجر اللي ملوش ذمة / مش بني آدم / بل جنس وحوش / مصاصي الدم
والاسطى لو عاشها مرمة / ويركن حبة / فات تركة.. قروش / على دين على غم
والجندي لو غاص في النعمة / تنعم إيده / وتنبط جيوش / وأمم تنسم
والراجل اللي ملوش كلمة / وقت الأزمة / ما بنفتكروش / ده اللي ما يتسم
----------------
التاجر اللي ملوش ذمة / مش بني آدم / بل جنس وحوش / مصاصي الدم / عبيد المال
والاسطى لو عاشها مرمة / ويركن حبة / فات تركة قروش / على دين على غم /وبؤس عيال
والجندي لو غاص في النعمة / تنعم إيده / وتنبط جيوش / وأمم تنسم / مدى الأجيال
والراجل اللي ملوش كلمة / وقت الأزمة / ما بنفتكروش / ده اللي ما يتسم / بإسم رجال
----------------
التاجر اللي ملوش ذمة / مش بني آدم / بل جنس وحوش / مصاصي الدم / عبيد المال/ عواميد إبليس
والاسطى لو عاشها مرمة / ويركن حبة / فات تركة قروش / على دين على غم /وبؤس عيال/ راضعة التفليس
والجندي لو غاص في النعمة / تنعم إيده / وتنبط جيوش / وأمم تنسم / مدى الأجيال/ ما تجيبش رئيس
والراجل اللي ملوش كلمة / وقت الأزمة / ما بنفتكروش / ده اللي ما يتسم / بإسم رجال/ والختم: خسيس
----------------
التاجر اللي ملوش ذمة = صندوق النقد
والاسطى لو عاشها مرمة = مقطوع اليد
والجندي لو غاص في النعمة = ما يحارب حد
والراجل اللي ملوش كلمة = ده حرام ينعد
-------------------
-------------------
(وهكذا جاء ختامي لهذي القطعة - طفي الشمعة حولع شمعة
والضي ماشي مع العتمة – والضد أساس
والله أعلم وختاماً – نور وسلاماً
والرحمة والبركة وحبي – تِمّاً شعبي – وجميع الناس
إلا اللي عايش على غيره -وهو بخيره-
واللي افترى ويا الغادر ويا النخاس
وهؤلاء هم القلة – ال..مندسة-
ينعدوا واحد في المية.. وهم الأنجاس

وهو اللي مطلوب إثباته.. لعموم الناس)

Wednesday, January 27, 2016

نقوط لعروستنا.. طبقتنا الوسطى


------------
حنفضل نلف حول بعض ونتبادل في كل حادث التهم بس دي حلاوة روح.
طبقتنا الوسطى بتشوف اللي تحتها بيبني ويزرع ويصنع واللي فوقها بيقش وبيلطش، لا عندها طين ولا بزنس.
لها دور هو الدور المرسوم: هضم وتوزيع المعارف لكي يراكم اللي فرق أرباح من دم اللي تحت، واحنا في النص.
طبقتنا موقفها من دا ايه؟ ٩٥٪ منها، منا، لا تعلمت صح ولا تمرنت ولا ابتكرت ولا شمت نخوة التحدي لكل طماع من الشمال الاستعماري ولا عملائه ممن يتحكمون فيمن يحكموننا عادة، فحتى الشغلانة الموصوفة لها من مُلاك وجلادي ونصابي الإقليم والعالم فكسانة فيها.
طبقة بتتجه لله فجرا لكي يرفعها للي فوقها، وتتجه له في بقية صلواتها كي لا تحدث ثورة جياع تهددها هي.
طبقة حضرت محاضرات وسكاشن واتزغطت بالاجابات الجاية في الامتحان بس لا يعلق بذكرياتها الا رحلات القناطر وأسوان والحب الاول اللي خلص بقفا ما سخن بس حنين ! ومن كثر أغاني المحن بقت تحن لأول حب وأول قفا.
طبقة اتهزأت من ابتدائي للجامعة فقررت تلتزم في العلن وتخربها في الخباثة، وربت عيالها على ذلك.
طبقة لما تجتمع على النشرة بتفكر حتقول ايه قبل سماع حواشي الخبر أو بقيته، بتفتي في اللي بيقوله الاعلام وكلها حاجات لا شافتها ولا عدت جنبها زي توترات سيناء وصراخ عمال المحلة او اعتصام الحديد والصلب وهل فضوه ولا طنشوه ؟ طب ودا يؤثر على لو سمر زارت سماح في ميدان الحرية معادي؟؟ وتخش في جدل مجهري حول تعصب كل حبة منها -منا، منا وعلينا- وبالتالي فالحوار اصلا مقطوم من قبل بدايته بس هذا هو سلو طبقتنا، طبقة : تعال نخش لبعض مكلَمة!
طبقة ورثت حكاوي وفجولة عن زمان ، (زمان كان للأفندي احترامه الخ)، عائلتها فتحت عيونها عالاحتلال والظلم الاجتماعي والبوليس السياسي وثراء نص في المية من الأمة المصرية فقط، خطب فيها الخطيب نزلت مظاهرات طول فترة الجامعة لحد ما يتخرج النفر منها فيقلع طربوش النضال الوطني ويفصل بدلة الافندي مشتاق الوز والجاتوه والعروسة الحلوة اللي بتصلي وتكون على شرط فبريكا ما عملتش ثلاثة كيلو (غير كل الساقطات اللي اتمرمغن معه في وحل بير السلم او السطوح او شقق صحابه) وَيَا ريت متعلمة كويس علشان تشتغل وتساعد نجيب شاليه في ال.. لا ؟ امال؟ اه هي حتاخد شهادة وحتقعد مالشغل بعد الجواز (دا اللي مستورة معه ومش عاوزها تشتغل) امال عاوز ايه؟ اه تنتظره بكامل اناقتها في عِش البلبل تهلل لطلته وتربيله البلابل اللي حيعلمهم هو احترام بنت الجيران وحيراقب الولد لا يزنق الشغالات زيه قبل الجواز، ولو شب الولد ونزل مظاهرة حيمرمطه من سكة مظاهرات ايه يا تافه احنا اللي بدعناها بس كنّا بلا مسئولية روح أمسك كتاب واطلع مالأوائل (مش زي ابوك ابو جيد تساوي عند الخواجة مقبول يدوب) وهكذا كم جيل عدوا ولا زلت ممكن تقابل منها -منا-ناس بتحن للملكية وشياكة شيكوريل وتريانون وتعيش الدور وتندمج لحد ما تصعب عليك من كثر المسخ.
طبقة اتعلمت من ام كلثوم وعبوهاب الحب العذري والحب الحسي والحب ابو ذُل وأضحية وفيييين لما ظهر تيار الهوس الديني بعد نكسة ٦٧ وسب للي جابوا سيرة الحب والحب كله وانت عمري وقل له حاجة قوم قطمت وخنست ولمت شرايط الحب والمسخرة ودرزت الأدراج عذاب القبر والثعبان الاقرع وببراعة ممثل محترف اندمج فلان أفندي في دور الحاج علان وبحكمته المستمرة خوف مراته من عقوبة الكوافير وحرمانية تمنع الزوجة عن بعلها لو طلبها في مأمورية سكسية، و صار لو شاف ابنه الشاب اللي طالع بعد مفرمة هزيمة وعبور وثغرة وحوارات محدش شرحهاله، يشوف ابنه فيشتمه على ريحة البانجو لحد ما يختم في مرة بالحسبنة ورميت طوبتك ، لكن الافندي-الحاج حاليا لِسَّه غضنفر عالبنية مراقب التليفون وفاقس الوردة الناشفة قي كتاب التربية القومية وكل ما ألَّبت تتأخر نص ساعة يهزأ أمها وينجلي فيسب الدين ثم يستغفر وهو بيتوضى ويصلي فرض صلاه فعلا بس ناسي، وغالبا كان صلاه عشان يهرب من حوار شرا هدوم الشتا أو ربما تنح لبت طالعة جديد بترقص نار والعياذ بالله في التلفزيون اللي جاي مالخليج أو ليبيا ولسه متكفن لزوره بلفة الفبريكا.
ايييييييييه كفاية والنبي تعبت وكله عارف بقية المسلسلة، لحد ما وصل ابن الافندي للتعيين قي شركة الخواجة مع البحث والتنقيب في علوم الفيزا والجرين كارد وخفة دم البيض كله بتاع "مصر مش امي مصر مرآة ابويا"، و"دا شعب جاهل" و "يا عّم مفيش فايدة !"
والسؤال الان
طبقة بتشوف الماتش من مدرجات الثانية ومش شايفة كويس! بتحسد ثالثة شمال عالحيوية بس بتبصلها من فوق ، حتموت تخش المقصورة ولو يتحايل الباشمهندز على الضابط الكشر، ولما يفشل في لمس مقصورة مصر يلتحف بعلم مصر (حولوه لعلم المنتخب فقط) ويزاحم الغلابة مدرجات ثالثة وهو قافش من منظرها وكلامها بس لما تهيص الجماهير الهليهلية وتسب للشرطة لما بينهم من صدامات مستمرة يندس الافندي في وسط الصنايعية يشتم اي حد من اللعيبة للحكام والشرطة بلا تمييز بين اللواء والمجند الملطوع ساعات مش متاكد هو ليه، هل لكي يحمي ٢٢ رجل بيجروا ورا كورة ولا بيحمي المقصورة من مدرجاتها ولا يمكن فيه وزير في زيارة، ويندمج صديقنا الافندي مع اكتساب الجموع الثقة في تكتلها، يندمج لحد الضرب ورمي الحاجات وفتح القمصان وقلع الفانلات لزوم المناورة مع الاشتباك وهنا يعطل الافندي لا هو يقدر عالخناقات ولا عاجبه الصياعة لآخرها ولا هو صافي ناحية الشرطة والمقصورة ومخه راح لفين : فين اي مخرج ؟ الكتتان منين؟؟؟ وإزاي يمثل البراءة وهو متسحب يكت في أيده كريم ونادين (حبيبة بابا بتشجع فريقه ) ويبقى كل هم الثلاثي -الافندي والعيلين- يا ترى الطوب طال زقزوقة ولا ربنا ستر؟ وهيييه زقزوقة بعيد يا بابا (او يا بابي او يا دادي)، وَيَا دين النبي عالمغامرة يا دودو( او يا ماما او يا مامي ) والحماس بيشلب من العربية الكورية اللي الافندي مزنوق بشأنها بين انه يحمد ربنا على نعمة الكوري وبين انه يسمع لملاغية شيطانه بتاع اشمعنى يتحرم علينا ندوق الياباني وفول اوبشن وسماعات ترج العين السخنة يا معلم! ايوة ايوة اشمعنى انا كوري (تقسيط ومش بيقول لأنتيمه، ما علينا) ليه العربية لو ألماني ولا ياباني تبقى من نصيب ابن خالتو اكرام او نادية او ربما نازك ولا نازلي (حاجة ملوكي تراكوة كدا! مع اننا عيلة سمر! )
وهكذا تعلو في صدر الافندي -أي أفندي وكل أفندي طالما راشق في ركن النذالة الطبقية ضد اللي تحته-اكسكيوز ماي فرنش-،مع الجبن الطبقي تجاه اللي فوقه،
الافندي مننا -ولا أقول منهم ؟ (على أساس ان احنا كلنا بنتهم طرف غيرنا بالشر والجهل واللسان الطويل- ههههه احنا ناس مؤدبين غير متحرشين لا نشخر ولا نسب الدين! كلنا كدا تصور؟ والسفالة دي كلهااااااا مش تبعنا!!
الافندي مننا والافندية مدامته او اخته أو الانسة بنته ما بنقولش العيبة ولا نميمة ولا نفسنة! ولا الكابتن ابنه المراهق (اللي هو في شلته كابو وفي بيت أهله هو استاذ نديم بالنسبة لام سعيد وهو اصلا واد ناقص رباية وكل يوم يدحرج ام سعيد توطئ تجيب اي شيء وهو متربص لها يمكن يلمح اي شيء اي شيء اي اي شيء.
لا والنبي؟ وانت صدقت؟؟ يعني بقوا يقولولك يا بيه وانت أفندي ابن أفندي، بس عشت الدور ، لذيذ !
يا عزيزي البك ده جزء من السلطة دا رتبة وظهر وسند وكارنيه وحضرتك يا سي الافندي ان كنت مهندز او حكيم او معاك الدال قبل اسمك او فنان او مشارك في بوتيك او شغال في بنك وبقيت تترقى ويقولولك يا مستر، لا زلت أفندي برضه يعني واقع في النص ما بين صحاب البلد دي (ان كانوا مصاروة او اغراب ) وبين اللي شغالين عالافران والسيور والمحاجر والمصائد والاوناش (والتفريغ في الموانئ في الشتا ) واللي بيفحتولك طريق جديد للساحل واللي حينقلوا الطوب والتراب (كحوا ماتوا العدد في الليمون والدولة بتحب المقاولين الكبار وهم بيحبوا المقاولين الخلايجة وكله بيحب الرئيس المسلم الكيني الرشيق حسين اوباما وهكذا وهكذا يا طبقة وسطى معجزة! يا طبقة قافشة عالجميع وهي غير منجزة ، طبق طبقتك يقدر طبق طبقنا؟؛) وختاما ما ننساش بقية الغلابة من مجندين في الطل والشرد او مزارعين (اللي فيهم فونط لا يحتكم قي الدنيا الا على سجرتين ثلاثة بيطلع ميتينه موسم على ما ترميله باكو ثم نفس ذات ام الثمار تلف لفة مع التجار واللي منه وتنط الفاكهة أضعاف السعر، التاجر والشركة الناقلة والشركة المغلفة اتنغنغوا ورشوا عالافندية (دا كتب ودا دون ودا رسم جسر ودا حط أساس كافيتريا في السكة بين فلاحين مفيش مدق يوصلك لهم الا وحيعور السست بتاعة السيارة حجيتك (مش الافندي كان شغال في الخليج ؟ يا مراحب بالاساتك).
وهكذا في الختام نرى مشهد الأغلبية الناقمة من جماهير غلابة محرومين من المدرسة ورحلات الجامعة والحب الأولاني خالص وأغنيات المحن صنعة و عليها طبقتنا الوسطى اللي ايه بقى نصحى سوا للفينال.:..::
اللي كان لازم تنازع لأجل العلم ، تحصل عليه ثم تنشره جوا الناس ثم تقودهم للعدل والكرامة الوطنية والإنسانية ، مش تلعبك الجميع بخطتين:
الاولى تلعب دور شعب،
وفي الثانية تقلع القناع وتطلع شغالة مع وعند ولجل جلاديها من مصاروة لامريكان وإنجليز على اي حد من دول الشمال المستعمرة المستغلة قاتلة أطفال العرب.
ايه؟ مش واصلك برضه؟! يا عّم انت من عملاء البوليس السياسي بتاع الملك ودا واضح بس في الحلقة الاخيرة ، لما تتعك الأحداث وانت تقلع النقاب -قصدي القناع- وهكذا وهكذا
يا عّم انت مع الخديو مش مع الناس اللي في فيلم الارض !!
بص
انت حاجة من اتنين :
اما انك من رجالة السلطان والمندوب السامي بتاع الاحتلال بس تدريبك عالي،
او..
او تبقى حالة مركبة (ممممم لا مش سهل انت حضرتك يا الافندي) دا لو انت صادق تبقى تت منك وفقدت الذاكرة أو ربما مندمج في دورين عكس بعض زي مثلا زي مين ايوة.. زي الفنان يوسف الشريف وهو توأم ، فده خير وده شر، أو حتى تطلع خطير عليك وعلينا زي الاستاذ عزت العلايلي في الاختيار ! انت انت نفسك تطلع مقسوم اثنين واحد جود واحد باد! واحد ثورة واحد انقلاب! واحد رابعة واحد خامسة! واحد تسقط امريكا واحد متجوز طنط فيولا (معها جنسية يا عّم) ! واحد سافل -سوري دا واحد غيرنا- وواحد بيشتم في السفالة وبيدرع لأي ابن سافلة!!
انت يا الافندي اذن ربنا يعينك ويعينا جميعا ويهدينا ويصبر ابناءنا وأحفادنا لما يقروا عن "دور الطبقة الوسطى في الجر الأمامي والدفع الخلفي او الفرملة والكلبشة، وطبعا حبيبك الاير باج، نحيي كلنا نفخ الباج في الحادثة .
بلاش والنبي بقى نشتم كل يوم المجرم والمنحرف والمنحلة والجاهلة وكانهم ناس من كوكب زحل، مع الاعتذار لكوكب زحل.
انا خلصت
اتفضل دورك
ارمي عليا اللي في إيدك ارمي
ما هو ده اللي في إيدك
وَيَا رب اطلع انا غلط وتطلع انت باللي في إيدك مش بس لسان

Tuesday, February 17, 2015

انتم لا تستحقون وطنا




انتم لا تستحقون وطنا ودولة فأنتم ما زلتم تعومون في ماء القبيلة الراكد! ترسخ الجهل في بلادكم حتى ان وجدنا النيتو وداعش في احضاننا! اذن يجب تقسيمكم ل3 قطاعات: 1 ق...ريب لنا وده مصري بس شبه الواحات، حجالة على مزاجك وده اخرك غير كده تتبع الامة المصرية وهكذا تندمج معنا في تشاركية انتاج النفط وتوظيفه لنا مش علينا وهنا الكل سواء.. بني غازي زي سيوة وانت الكسبان بدل ما تفضل عميل للنيتو وممسحة للارهاب. 2 قطاع خالي من البشر شبه الربع الخالي مش حتفرق صدقني وابقى انقل الباربكيو اي مكان تاني. وقطاع 3 عند تونس والجزائر يحشر فيه اللوبيون -اسمهم الاصلي- مع احفاد المشاوشاه وعيشها امازيغي في ريح اخواتك هناك. نقطة وانتهى. اما لو هددونا كنيتو ومجلس امن وكده فحنضطر نبرز للجميع الجيش الشعبي -خمسين مليون مسلح بآلي وم ط زائد م د، ولتكن معركة مهولة في هذه المنطقة ننتزع بها الطاقة غربا ثم الماء جنوبا حتى منابع النيل بسلسلة من التشاركيات والتعاونيات مع المزارعين السودانيين والاحباش على ان يظل جيشنا بشقيه النظامي والشعبي هو القوة الوحيدة في شمال شرق افريقيا القادرة على الحل والعقد، هكذا نفتح الحسابات القديمة والجديدة من تعويضات من الاستعمار الى تقوية استفادتنا من قناة السويس الى بحث جاد عن نفط جديد يكون لنا ومصادر طاقة حديثة نستولدها في براح الصحارى الممتد ده غير استثمار الاف الاميال من الشواطيء البكر لسياحة لم يحلم بها كل زعماء القبائل الاشاوس .. اشاوس عالحريم بس لكن مع الاستعمار ركايب ، فاذا قطعنا دابر كل طامع فينا فرضنا واقعا جديدا مفاده تقليص النفوذ الصهيوني واخلاء المنطقة من الارهاب المنظم باسم الدين. النيل والبحر الاحمر اما ان يكونا بحيرات مصرية الادارة، او فلن يبحر قارب او يشرب فم واحد. النفط اما ان يكون مصري الادارة او كرسي في الكلوب وحنضلمها، ولتكن على هذه الارض معركة نقدم فيها مليون نفس ربما او اكثر، ولكن.. يعيش بعدها وطننا سيدا لقرون قادمة. ولن نستمع لاحفاد مونتجمري وروميل الذين صنعوا في بلادنا اكبر حقل الغام كوني دون ان يزيلوها او يعطونا الخرائط او يعتذروا ويعوضونا! اذن حقك بدراعك.. واحنا قد 30 فيتنام لو ركزنا. ويا روح ما بعدك روح. عيشوا كرماء او موتوا شهداء. بقيت نقطة مفصلية: ماذا نقصد بكلمة ادارة مصرية؟ هي طبعا ليست بقايا النظم المتهالكة التي كنست نخوتها نكسة 1967 فرمتها في حضن الاعادي، بل هي القيادة التي تنبع من القاعدة الشعبية خلال المخاض الثوري المستمر، قيادة تنسجم مع شوق الناس الى عدالة اجتماعية منجزة وفورية، يصبح فيها للوطن ثروة قومية تتحصل من عمل المواطنين وترتد لهم خيرا عميما، اما الذين يتطفلون على الانتاج من تابعي الامبريالية فيتقاسمون خيرات الامة مع الاستعمار فسوف يرحلون في البحر او تحت الرمال.

Tuesday, February 10, 2015

مالنيل لنهر الأردن.. والعزا واجب إبادة

مالنيل لنهر الأردن.. والعزا واجب إبادة

بدون قانون.. ولا ناي ورق وحبتين إنسان حقوق.. إنسان آداب وفلسفة
ولا يحزنون.. إلا الحزانى من الغلابة ومالشباب
أما الدكاترة.. لباس أوروبا يحبهم ويبرروه
ويقبضوهم الاخضراني.. وينشروه
يحكوا عن الإعدام حرام.. والدبح للظالم بلاش
ويفنطونا ويسرقوا ويغشوا من روح المسيح ويألفوا
ويقصقصوا سيرة النبي.. ويقصوا بدلة ويقبضوا ويحرفوا
وان شموا ريحة جلابية يسلمونا للكمين...

ويقبضوا على تهمته "بلدي" الولد
ويمسخروا "الشعبي" اللي أخلص في البلد
ابن البلد
وياخدوا أرقام اللوا.. ويعزموه
ولما ييجوا يشتكوا.. يرموا الأمين
ولما دول بيخسسوا ويحاصروا عمال الحديد والصلب.. دولم فين؟ ماجوش!
دول يهجموا عالفلاحين.. دولم ضميرهم يكتبوا عن ناس ما بتفكش ألف
دولهما ياخدوا اللي انكتب.. وما يقروهوش

الظلم طل بوش خوف من مخبأه شاف اللي شاور عن دلع قام بالمياصة حلفه
وابو شكل عيرة يبيع مراته بعلبتين بيرة ويعوج سحنته حزنا عليها
وسط البلد مش موطنه الأصلي لكنه استوطنه بعدما مشوه الجيران من كل حي وكل جيهة
يقعد خسيس وخسايسه يحكوا لأمة العرب الملاحم
أثينا كانت.. روما قامت.. مصر لا! وهي أصل الملحمة
الشحط منهم حفظوه عظمة عدوه وبيعوه عضمة أبوه
وخصوه في جدوده وذكرياته وكل ورثه.. وخصخصوه
ما سألش عن سيفه اللي كان عهد اللي راحوا
فاستكتبوه وصلين أمانة.. تمنّع الممحون سابوه ياخد براحه
وتاني يوم ادوله وصل فوصل لكن الإنجليزي ده سره باتع
كان عنده أسوار اعتراض.. شافوا السفير أسواره ساحوا
الحب يصنع معجزات ويخللي تاج انجلترا كنجي الرئيسي
وان يوم سأل على بردته أو بوصلته تقفله مخه وشفته مومس باريسي
يسكر وينسى تار أبوه ياخد عزاه قبلما ياخد مالعدا شرف القصاصِ
ويلمنا على دفتره في قهوة متاتيا ونندمج في الافتراضي
يحقنا بالسلمية .. لون الدم كخ.. النار دي أوف.. وبكرة ياحه.. وثورة جدا بس غاندي
أنا أقوله: حنبيد العدا ونوئد له بكرة
يقلب شفايفه وتنقلب ضدي الكراسي
واطلع الافندي الفوضوي.. وهم اللي جاي!
لا بيطردوني من الحاجات ولا يشتموني
لكن.. ينطوا في كلمتي ويهمشوني
والدنيا تمشي بيه وباشا وباشمهندس باشحكيم وباشا قاضي
ويخلوا حد يقولي: خد حق المواضي
آخد لحد ما حقي يخلص افز ماضي
ينده عليا: خلاص حنعقل؟ ألتفت وارجع مشمر
ده مش ثمن صمت الهرم وانا من حجارته
واسيبله للذكرى في قورته شيء بسيط واسمع تذمر
يا فوضوي يا عصبجي! تهتف حبيبته
ومعاها خمسة من الحقوق واتنين علوم وتلاتة من دار العلوم
اركب ركوبتي حر مالي وكل عمري واقولهم:
انا مستقل ومستقيل.. زي المسلة ومركبة في النيل.. سلام
وخدوا بسلامته خيطوله المسألة
وبالسلامة.. وبالشفا
ما خلاص عرفت لوحدي حل المسألة
الواد بيكتب شعب أمي بلغوة تالتة
والداية جاية تموت العيل تنادم عالغراب
وترش في المية الرطان نشرب ونعطش كل ماده
ونلاقي غيطنا بينكمش كلما نرويه بالزيادة!
وننسى روحنا ونتلبس بكلام أعادي
عالفرق بين برة وهنا وبتوع باريس وناس قنا
وده كان زمان وده كان مرض ولا شفا
وشريعة الغاب والخراب
وشريعة العصر القفا
وكأن كل الموبقات جت من بلادي!

يعني الغرض
بلا هري ساقع في الحضارة وفي الشرايع
اياك تقولي شويتين من بق مايع أجنبي
وعلى الله أسمع بغبغانه يقول: بتابع!
ولا أي تابع هلّ وقت ما عمه الاستعمار ظهر
ووقت ما سيده خنس.. هو اختفى
وان كنت عايش بس خايف ماللي خان
اخوان وترك وبنك دولي ومجلس الأمن الجبان
داعش ودايس والهجايص كلها
خلاص حفظنا أمها
وعرفنا لما حيهجموا يخفى الخوارج
ولما نيتو ينسحب ينكب داعش
قال يعني خفنا فننكمش في حضن خارج
ونقول بليز هيا ارجعوا وسيبوني عايش!

قال يعني حيخاف العرب والقلب مصري
قال يعني مش من ربنا.. ده النيتو حايش!
هش انكشح يا مسيلمة يا بو نار يا كافر
يا ابن الشيطان يا مسخرة يا بو وش قافش
داعش عليكم مش على أمة كواسر

آخر المتمة المشركين نسل الصهاينة
هم اللي يحكوا عن الرسول وعن الرسالة
وعالشمال عيال موالسة وعاليمين عيال مماينة
كماشة من ليبيا اللي راحت بالهبالة
عاشت مريضة في حجزها والبير بيسقي المعتدين
للشام حبايب راحوا بالأمر المؤامرة
ولا الأحبة في بلاد الرافدين
يلاقوها من فين ولا فين؟
ولا الشباب راح واليمن متفاتة حمرا
والبلطجية اتربصوا وبوليس سياسي
مطرية أنّت قام بكت طلبية والكيتكات يواسي
والثورة لسه ما حكّمتش ضميرها خالص
ده كله لسه البسملة والناس غلابة
والفزّة جاية على اللي فكر انه خالص
والنار هنا من قبل فوق.. ماتفوق لي يابه
واما اليهود خانوا الشفيع المصطفى
ومع انه هو مكارم الاخلاق ومأمور الطيابة
عمل ايه حبيبك؟ سن سيفه اجتثهم
كل اللي يبلغ حلمه منهم.. كلهم
والباقي طرد ونفي وزيهم زي اللي كانوا قبلهم
دول كلهم عبدة شيطان واحد وألف لَبوس حلالي دمهم
هم وأهالي أهلهم.. واللي جابوهم ربوا فيهم حقدهم
أو زوقولهم جهلم بالجاهلية في دمهم

آخر قناع داعش وده آخر زمنهم كلهم
هم الحريقة ومن حريقهم كلنا حنلمهم
وحنرمي في النار الطهورة ونارنا غير نارهم وبتميز بأمره
ده الابراهيمي الاسماعيلي حينحدف في النار سلاما
وآدي الكساسبة قول مدد يا معاذ بأمره
يا معاذ يا فخر الإنسانية نار عدو الرب والإنسان عليك بردا سلاما
شرفت أرضك بص نهر الأردن اللي كان في حاله اليوم يفيض
والبحر كان ميت صحي سبحانه كانت حكمته تيجي في لحظتها العلامة
الله أكبر عالظلام وعلى الظلايمة وجيش أبالسة واسمكم ملعون يا داعش
الدال دليل المولى لينا عالنماردة مش لهم
ألف الحروف اسم الجلالة في وشهم
والعين كساسبة مش نفر ده معاذ ده أمة
وعين معاذ وسط النيران عملت لنا الشوفة اللي جاية
عين البطل.. سأل التاريخ جاوبت عضامه ونخوته
الله عليه في وقفته وسط الحريق شوفي الطريق يا إنسانية
والله انك يا معاذ عينك بعينهم كلهم
وحنبتدي بعين كبيرهم كلهم وجميع صحابه وأهلهم
وجميع زراعة أرضهم أو تمرهم أو نفطهم
وأي حاجة منهم وأي حد سمع لهم أو راح لهم أو جاب ما جاب من عندهم
دول كلهم وأقرباؤهم والنسب رحم.. عصب.. صلب وخشب
أصنام على هيئة بشر مساخيط ومتشكل بهم شغل الشيطان
مسلم مسيحي وأي حد عقيدته حلوة ده مننا
احنا في سفينة نوح وهم في نار أعدت مننا وغذاها ييجي منهم
وأي فرد صعب عليه الفن قال مش كلهم
لا كلهم.. من أول الصف اللي شايل راية منهم ولا تشبه لون ملاية في حبلهم
أو راح يشمشم عندهم زي الكلاب ويحكها في أي حيطة تلمهم
وأي سلبي رمى السلام على جمعهم
ولا بيغسل من قناهم او بيملا من بيارهم او بينشر جنبهم
كل اللي وافق عالمبايعة لربهم إبليس ووقع أو بصم
والشين هنا اخرة متمة نسلهم
شين الشيطان اخر زمانه بفعلهم
حرقوا الكساسبة.. الله أكبر بينا يحرق قلبهم
نحرق بنار عربي طهورة نخش جوة جحرهم
ونحش داعش مالتاريخ نوئد سيرتهم.. نسلهم
وكل خيط يربطنا بيهم كل شيء شايل ريحتهم كلهم

وكلهم بقول واعيدها كلهم
الكاف دي كل الناس جميعا كلنا
وهي برضه الكاف اشارة كلهم
واللام دي لا مولى ولا مدد الا من واحد أحد
الحق عنده وهو وحده الحق شايف قلبنا من قلبهم
هو اللي كاشف سرهم كشف السريرة في عجلهم
هو الدهب لا شيء سواه لو يعبدوا بعد الشيطان
أصفر يا تبر ابيض يا قطن اسود يا نفط لكن جميعا اسرة واحدة في بعضهم
العابدين عجل الدهب وأبيس نجاسة نسلهم
يتلونوا هم اللي خانوا مصرنا وتهموا الفراعنة
على فرد واحد مننا خلص حسابه بغرقته
والله انه ذنب ما عملوا في أجداد الكنانة
واليوم كشفهم ربنا كرسيُّه وسع السما والأرض وانظر حكمته
خلاك تشوف المنقلب والسحر بيلط الشيطان ابو وش هايش
ولع في خلق الله فحق القول أن هذا قصاص الحق من ذات الحريقة
حنولع اللي يمت للي ما لوش لا اسم ولا ولد من بعده عايش
وحنفصل الناس العرب والمسلمة وولاد بلدنا وأهلنا أقباط وذمة وناس في حالها يعبدون ما يعبدون
قالك ما تعبدش الشيطان ولا عجل مسروق الدهب من أرضنا
عبراني قشط مصرنا وعمل حبيب الله وفي السيالة دس الكهن واشتال الغوايش
قالك ماتعبدش الشيطان وخد مجالك لما تؤمن بس حابي عاليتامى
وسيبها خضرا ورش مية وفوت لأولاد البشر أوراق بريئة
والناحية دكهه كل واحد كان بيحلم في المنام باللفظ داعش
أو حتى خاف في قلب نفسه منهم
كل اللي ما يشيلش السلاح على أي شيء فيه حاجة منهم أو أتر شامم دنسهم
الكل يعني الكل مفيش ظروف وخيار وأته
البذرة دي سلسالها كله نسلها.. اتكثف في داعش
وبأ البشر ميكروب في أرض الله وجرثومة كواكب
اقرأ.. تلاقي ذكرهم.. قالك حييجوا مكشرين ويكلمونا عن الجميل!
فيهم نتانة ما تتغسلش وصنة من عقر الفواحش
متحرمين عالانسانية وعالتاريخ
ولا أي أرض تضمهم أحياء وموتى

واسمع لآخر كلمتين حتلاقي ملحمتك يا مصري
علشان يا حلو يا مجدع الجدعان شيل الأمانة
يا عم ما انت أساسها.. إصحى! الحل إنت
وهي مصر في أول الأسماء وهي في آخر القصة الطويلة
وكل دول هكسوس مظالم واحنا أمة ربنا قبل اللي آمنوا واللي قالوا
واحنا اللي شايلين الرسالة والعلم
كل الأمم صح ادعت فيها النبوة.. الفرق فين؟ الفرق فينا
احنا اللي بنقول الرسالة دين علينا مش حنكسب منها
يا عم صحصح ما انت موطن كل حب من الحقيقي
وانت اللي أسست وبنيت لكن نسيت
مين اللي مينا لكل كلمة حق مين؟
مين ملجأ العيلة ومين سند للمظلومين من كل عهد؟
مين غيرك انت يا ابن مصر سواء نشيت ولا وفدت وجيت بقيت!
حجيت وجيت راجع لقيت بيتك هنا
وبنيت معانا بقيت بتاكل من لغانا وضحكنا
ولو انت فاهم شيء غريب بنقولك اللي عندنا
تلقاه بيرضيك الكلام وتحب اكتر ربنا

قوم يا به خلص عاللي من نطفة مسوخ ومرضعاه مخاليق غيلان
ده مش بشر وده لا أمل في ريحته الا بنار طهورة
أهله وبغله وسطح داره وجاره لو ملطوط بعاره
آدي السلاح وآدي القلم.. لكن حذار من الكسل
ده مش سلاحك ده الإيجار.. المِلك فين؟
خطك صحيح بس القلم معمول عليك معجون بحبر الطماعين
ما يكتبكش الا ان طلع من مطبعة أولاد بولاق
قلمك وحبرك والمفك وفاس مودرن وحتة آلي في كل بيت
جمعية من جمعية المصري أستاذ المحاورة مع العوق
حيخلي بكرة الإنسانية في هيئة الحي الأصيل الابيض والاسود
وحيرمي حل لكل غمة وضحكته سابقاه ويحلها بقعدة عرب وبجدعنة وجمعية من جمعية
المصري بيدور معاهم من زهايمر مفتعل فعل العدا معمول عمل ومسيرنا نشفى
خليك في سعيك واذكر الحق الجميل
وساعتها حنلاقي اللي راح ونلاقي ان الحل احنا
أول ما كف الشر طالت والخطر بقى عالضمير
جالنا الندا مالكون ومن مبدع عظيم ومن بيوت الإنسانية
ولا حد ينكر فضل مصر ان كان بصير
ولا حد يستغنى عن الأمة النبية
وانت اللي من قلب المجاهدة السعي يربط مش بيفرط
وتلاقي روحك وانت بتكون المقدر ليك وتذكر
العدل هو ومنه كل المبتدا

نظف بلاد ربك ورش النار ووسع بيتك المخنوق وعلق عالجدار في الواجهة صورة
لشهيدنا مالأردن قريبنا ودمنا وابن الأحبا من جيراننا وحينا
شهم استجار بالشهم.. نهر في أرضهم نادى على الشريان بتاعنا
وده وده مقدسين ومنسبين.. واخد نخيله مننا ومناسبين من برتقانهم كلنا
واصحى لبشاير عام كرامة نسد فيه وناخد بتارنا
وده ممر وحيد لعام يليه يجيب معاه قمح ومحبة
آدي امتحان الإنسانية ابن البلد شايل وشارط
خزرج وأوس.. مهاجرين أنصار..
من بطن هاشم أو أمية..
سنة وشيعة.. جميع بني عربيّ والشركا
قيام جميعا مجدوا البطل العريس
الله أكبر يا معاذ وِلْد الكساسبة
في ذمة المولى الجدع ثابت في قلب النار يعلم عالشيطان
ان جيت في داعش جالنا نور المولى في البطل اللي واقف في النيران
الله أكبر يا معاذ.. داعش خسيس داعش كفور داعش جبان
وانت البطل انت المثل.. انت اللي صورت الخلود والمعجزة
يا معاذ يا كلمة حق واحدة وهي بس لوحدها لابد كاسبة

Monday, January 12, 2015

لو سمحت

لو سمحت
اوع دي طلعتي
دك النوبة انت سامحت
وتصالحت
لا مخالصة ولا اخلاء طرف...

وسمحت يركبوك
فاتمسحت
نيموك
حقنوك
لعبوك مع النسانيس
قلت ذيع

Wednesday, March 19, 2014

انا المصري قول معايا

انا المصري قول معايا
فرعوني في طفولتي ولآخر المراهقة وغلطتي السودا يوم ما رميت السيف
أفريقي من شمالها ومتوسطي شبههم حبتين
اسلامي-عربي من بواكير شبابي بس عايشها الأيام دول يوم مر يوم حلو
اتبهدلت على ايد أوسخ الامم غربا وشرقا بصراحة
تقولش المأصل عدو كل ولود الأوساخ؟! صيع اوروبا وآسيا حاطيني على راسهم وزاعقين
قرب نهاية القرن ١٨ كنت في عز شبابي بس مرضوني المحتل ورا المستعمر عالمستوطن عالعرصات -لامؤاخذة ملهمش اسم اخر - اللي هم خدامين وزبالين (لا انا كدا بهبل أسف للخادم والزبال وك...
ل مهنة شريفة، هي عرصات لابسة!) بقول ان فيه خلق بزرميط مسحوا جوخ الأعادي ورفعوا الاريال بإخلاص خنازيري مستحيل، وكيشوا على حساب أمتهم -كالقواد على أهل بيته سواء- خونة لآخر نفس، الغرض عاوز أقوم مالوقعة كنت وصلت لمرحلة حيدفنوني -غباوة منهم عشان لا المستعمرين ولا عرصاتهم بصوا على تاريخي وسعي ابويا وأني وكفاح جدي وست ستي، طيب انفض التراب عني ازاي؟
مملوكي خانقني وعثمانية ناهبيني وأي شعب تافه بقى مستهيفني، اي شعب كان جده وجد جده اصلا نطع او جطع او جعر او ملدوع ومتقفل بعيبه (مقصودي معيب في نخوته)
ثورة فرنسا رسمت امل، اتاري امل زي سوسن والجوز اصلا سعاد بس شغل محن وكهن عالبشر، مايغركش المنظر تحت السواهي دواهي واصبر لآخر ألكم حلقة الاولانية أنس مشاهد الأكشن ومزيكا الماركسيين ونداء من قلوب الشهدا في محمد محمود، لامؤاخذة قصدي في باريس بالإخاء والحرية والمساواة، اصبر عال ممحونة بعد المقصلة وإعدام الملك ومدامته بعد كم سنة يعني شو واشتغاله وذيع يا مسيو وديع ويا حبة عين امه الشباب اللي كنس الميدان وسيق باريس وشال العلم على كتفه ولو تعب على حجره بس أصح للون يا كومراد يا رفيق البت سعاد معجونة بالسكة الشمال والمثل بيقول ان الصنف لما بيعجزوا بيقلبوا من هوبا باللبانة (وحدك ولا حتعملوا عليا حفلة يا شيري؟) وتتحول الى رافعة اريال وتاخدها بالاقدمية في النجاسة ، القصد الثورة قلبت مضادة في فرنسا وبعد كدا في روسيا وغيرها، الاستغلال عمل نيو لوك حلاوة وخش على النجم عال حلقة خمسة اول ظهوره ، النجم القبيح اللي كان بيشك في امه وبالتربية لمدامته (محدش متأكد هل اترفعت الشاحنة وأي الكواريك مر من قفا الإمبراطور الفريش
بونابرت نشن على بلدي، دخل عالمماليك والعثمنلية دخلة بلدي سافلة وآخر الهرم يشهد والصويت ده الفرسان بتوعنا سيادتك لا احنا نساءنا أوضح وانظف طبعا، الدلع في الدلع وفي القتال بألف مملوكي وعثمنلي
مابدهاش پقى لازم نتناول السيف بدل العصا ونناول قاذورات الغرب عالشرق منابهم
ثورة في ثورة مسلم وقبطي مصري في مصري لكن خلاصة اللي جرى ان اللي جه يلعب دور المشير طنطاوي مثلا يلم الدور وكذا قلب على عبد الناصر مع انه مش مصري بس أكيل ومزجنجي وشرب من نيلها مش بإخلاص شيرين طبعا بس برضه تلمس (طبيعي يا شقيق هي بهية تلوح اللي فيه ذرة مفهومية وطموح طول عمرها افتكر معايا كدام الإسكندر لأنطونيو لحد عمك محمد علي الباشا اللي حلق للسلطان التركي زلبطة اول ما فهم ولف وصاع في مصر وزعاماتها وقتها، وهوب أربعين الف دكر مصري وراهم ثورتين وشايلين شوم على سنج (خرا طبعا لأن اللي قضاها بلا سيف من زمان بيطلع ميتينه عل. ما يزرعه. ايوة طبعا السيف بيتزرع ومحصول رخم لازم تواليه زي العيل الحيلة عشان يرمي قطفة نظيفة تصيتك)

لو شتمت الفراعنة

لو شتمت الفراعنة او التاريخ القبطي او العربي الاسلامي تبقى اولا جاهل وغير علمي، وثانيا مش انسان لانك مش واقف مع أمتك الجريحة وتحاول استنهاضها ورد الذاكرة لها عشان تخف وتطيب، وكمان خاين، ونصير للظلم، وتبقى ناوي على موتك اعذرني والله مش بكرهك... بس انت حقيقي.. تايم أوت! ابعد عن تحقير أمتك وانقدها لتنهض لا لتموت.. اعتبرها امك وجدتك لو عندك اصل، اعتبرها الثروة لو من عبيد المال، اعتبرها عقيدة موازية للعقيدة الدينية بلا افضلية، بص.. اعتبرها اي حاجة بس بجد.. احترم أصلك عشان عيال عيالك تحترمك.. وانا برضه اخوك من هنا لحد المحطة دي.. ساعتها عدوك انا، وعدوك عاللي لامواخذة ومع احترامي حيتعمل فيك التوقيع.. فاعل خير عموما، وساعات قليلة فاعل شر عالشر

Wednesday, December 12, 2012

مبادرة فردية لتجاوز كابوس الحرب الأهلية أو الصراع الطائفي

يتقدم بهذه المبادرة خالد الصاوي (ممثل ومدون) إلى كل المؤسسات الفاعلة والأحزاب الكبيرة والقيادات الجماهيرية وكافة الناشطين السياسيين من كل التيارات، بصفته مواطنا حريصا على أمن وسلامة بلده ومشاركا في الثورة المصرية من إرهاصاتها الأولية وحتى هذه اللحظة، متجردا بها عن انتمائاته الحزبية وتمنياته الشخصية لمستقبل مصر كما يتخيله ويبغيه.
لا مجال الآن للثرثرة حول جذور الأزمة المستحكمة التي وجدنا أنفسنا فيها وعلى رقابنا جميعا أكثر من سيف في هذه اللحظة المتوترة، ولا للمزايدة على بعضنا البعض ادعاء للثورية أو الوطنية أو التدين أو الديمقراطية بينما نلقي ببلدنا إلى هاوية التعنت، لذا أرى التركيز على بنود المبادرة داعيا الجميع إلى أخذها ببعض الجدية وهو ما يعني البناء عليها بالحذف والإضافة والتعديل والتعميق بحيث نخرج كلنا من مأزق المواجهة العنيفة خلال الأيام القادمة لا قدر الله، خاصة وأن أي طرف يدعي قدرته على الحسم الفوري في الشارع واهم ويغامر بالدماء وبالمستقبل كله.
أولا: الإخلاء الفوري لجميع الشوارع والميادين من كافة الاعتصامات، وإلغاء مسيرات الغد من كل الأطراف، ونبذ العنف والعنف المضاد ضد بعضها البعض أو ضد قوات الأمن أو القوات المسلحة أو أي طرف يلوح باستخدام القوة بديلا للحلول الديمقراطية المتحضرة.
ثانيا: تأجيل الاستفتاء على الدستور لمدة شهر كامل على الأقل بما يتيح لكل القوى العمل على الأرض لتوصيل رسالتها للجماهير بالتركيز على شرح بنود وحيثيات الدستور من وجهة نظرها وبحرية دون تجريح أو مزايدة على الطرف الآخر.
ثالثا: تلتزم جميع وسائل الإعلام المرئي والمقروء والبديل بالموضوعية والبعد عن تكفير أو تخوين الطرف الآخر وبالتركيز على شرح بنود الدستور وآثاره فقط.
رابعا: تلتزم المساجد والكنائس بالحياد التام تجاه الدستور كما يلتزم القضاء والجيش والشرطة بذات الحيادية التامة تجاه الصراع السياسي برمته.
خامسا: توافق الجمعية العمومية للقضاة على الإشراف الكامل على الاستفتاء.
سادسا: يقوم الجيش والشرطة بتأمين الاستفتاء، ثم ينسحب الجيش بعده من الساحة السياسية ضمانا لوحدته وصلابته في هذا الوقت بالذات.
سابعا: إذا جاءت النتيجة "نعم للدستور" قبل الجميع السير على خارطة الطريق التي تضعها مؤسسة الرئاسة باستقلال تام عن حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمون وحلفائها من الأحزاب الإسلامية، على أن يراعى تضمين القوى المدنية المعارضة للتيار الإسلامي في تشكيل حكومة جديدة بعد الاستفتاء بمقدار يعادل النسبة المئوية التي حققتها المعارضة في الاستفتاء.
ثامنا: إذا كانت النتيجة "لا للدستور" استقال رئيس الجمهورية واستقالت حكومته بعد أن يعهد لجبهة الإنقاذ الوطني بتشكيل مجلس رئاسي مؤقت وحكومة ائتلافية تتضمن تمثيلا للتيار الإسلامي بمقدار يعادل النسبة المئوية التي حققها المؤيدون في الاستفتاء.
وفي هذه الحالة نعود لدستور 1971 بكل تعديلاته ويعتبر المجلس الرئاسي وقتها مفوضا من الغالبية التي قالت لا للدستور لتشكيل جمعية تأسيسية تتضمن كل ألوان الطيف المؤثرة في الساحة المصرية والتي تنقسم إلى أربعة تيارات كبرى هي الإسلامية والليبرالية والقومية واليسارية وبمختلف تنويعاتها إضافة إلى أبرز القيادات النقابية وكبار المفكرين الدستوريين وغيرهم، بما يضمن خروج دستور توافقي فعلا وليس دستورا خلافيا يحمل بذرة المواجهات الأهلية فيما بعد.

شكرا لكل من قرأ هذه المبادرة
شكرا لكل من يعلق عليها
شكرا لكل من يطورها
وشكرا لكل من يقدم حلا يفوقها قيمة

معا من أجل وطن للجميع ندير فيه خلافاتنا بأسلوب يدفعنا للأمام لا يجذبنا صوب الهاوية.

خالد الصاوي
ممثل ومدون
 

Thursday, September 27, 2012

أهل الكهف

خالد الصاوي



في مجتمعاتنا العربية ذعر من الكلمة يترافق معه فزع من الصورة، مثبتان معا على أرض الرغبة الفضولية في إسداء نصح لم يطلب وبسط وصاية عتيقة، تظلهما أشجار الرقابة على الإعلام والفن والأدب والبحث العلمي، يحيطهما سياج أبوي لسلطتي الدولة والدين، تحرسهما نواطير العسس والمحاكم والمعتقلات، ويضيئهما كشاف النفاق العربي بين المرء والآخر، والمرء والعائلة، والمرء والوطن.ربما يأتي ذعرنا العربي من الكلمة من تقديرنا لثوريتها، فنحن موطن القرآن الذي هدم عروش الفرس والروم، أما الصورة فقرون من التحريم لكفيلة ببث الخوف منها دون سبب معقول.في قيعان جماجمنا تختلط القناعات المنطقية بالضلالات الخزعبلية المزمنة، وعلى هذا المزيج الخاص بما فيه من صحيح وباطل شيدنا عقليتنا "العربية" ونفسيتنا التي تدفعنا إلى التآمر على أنفسنا، إذ نقر تحريم الكلمة والصورة ظنا منا أننا هكذا نحمي ذواتنا الضائعة بين غرب مستغِلٍ لا يرحم وشرق مستَغَل لا يتقدم، غير متنبهين إلى أننا بذلك نحجب عقولنا بأيدينا ونبدد ميراث الأجداد.وبعد أن كان تحريم الكلمة والصورة ملكا خاصا للسلطتين السياسية والدينية عبر عصورنا العربية-الإسلامية، انتشر القمع في الخلايا المجتمعية كلها وتخلقت كتائب جديدة للتحريم والتجريم بل والعقاب.صارت هناك سلطة دينية أهلية تنافس السلطة الدينية الرسمية وتنتزع بالعنف مساحة تواجدها رغما عنا، وتحولت النقابات إلى أدوات لمنع العمل الفني الذي يتناول بالنقد أية مهنة، واستأسدت على الإبداع عائلات الشخصيات العامة الراحلة، بل وصار من حق كل إقليم داخل القطر الواحد أن يطالب بمنع العمل الفني الذي ينتسب بطله الدرامي لهذا الإقليم!فإذا أضفنا لثالوث محرماتنا التقليدي ?الدين/السلطة/الجنس- تلك المحرمات المستحدثة، ماديّن الخط على استقامته، فسنرى كيف سيكون الغد مظلما كما لم يظلم ماضينا من قبل أبدا.أكاد لا أصدق أن في تاريخنا فصولا من الجدل والسجال البناء دارت رحاها وسط أمواج القمع المتلاطمة التي لم تنقطع أبدا، ولكن الكتب تؤكد أن في تاريخنا العربي الإسلامي لحظات مشرقة سادت فيها النظرة المتسامحة ?ولا أقول الماجنة- تجاه الكلمة والصورة والموسيقى والعلوم كافة، ولولا ذلك التسامح لتقهقر الإسلام وتقلص في الحجاز بعد فتحه الممالك، ذلك أن كلمة السر لم تكن هي السيف -كما ظن التتر بعد ذلك بقرون- بل الانفتاح على الثقافات المحيطة والتشرب بكل ما جادت به قرائح البشرية من كلمات وصور ونغمات وعلوم.ولقرون طويلة كانت الأصوات تتجاور بين رافض ومؤيد، ومع ذلك عاشت الحضارة العربية الإسلامية أزهى أوقاتها بهذا الجدل وليس بالصوت الأحادي كما يتخيل الكثيرون للأسف، ليس معنى هذا أنها كانت عصورا مطهّرة، ولكنها كانت عصور إبداع وتفاعل وتفتح، وهكذا ينشأ اليوم التناقض العجيب إذ يتباهى المتزمتون والقمعيون جميعا بالتاريخ العربي الإسلامي دون أن يدركوا أن سبب الازدهار كان هو فتح القلب والعين -والعقل في المقام النهائي- للدنيا كلها ولكافة إبداعات الخلق، طبعا كان هناك قمع سياسي دائما ولكن لعصور متعددة كان القمع الديني أخف والقمع العلمي والأدبي والفني شبه مطموس تماما، وفي التاريخ أمثلة أطول من عدد الكلمات في هذا المقال.لقد وصل الأمر بالمواطن العربي إلى استبدال حياته التي لا يستطيع السيطرة عليها بالانتقام من الكلمة أو الصورة التي تفوق احتماله الحضاري.. وهكذا تمت زراعة رقيب مشوش الفكر بارانوي الوجدان في كل واحد منا بما في ذلك من فاعلية واقتصادية!نحن لا نريد تحررا للعقل العربي على طريقة الفيديو كليب، ولكن في سبيل الوصول إلى كنوز الأفكار والفنون لابد أن نحفر بين الركام الغليظ، اتركوا هذا الركام فهو ميت غدا ودعونا ننقب بحرية تامة في مناجم المعرفة والإبداع دون خوف غير مبرر ووصاية لا يملكها أحد منا على أخيه.

Saturday, January 15, 2011

خواطر تونسية

عشت حياتي مؤمنا بالثورة، بقدرة الجماهير المحرومة-المقموعة في كل مكان على تغيير واقعها البائس بعملية خطيرة هي مزيج من الوعي والعنف والمحبة معا.. الوعي بالمشكلة وبالحل، والعنف المضاد لعنف السلطة (سلطة القلة المالكة-الحاكمة)، ومحبة العدالة الاجتماعية والتحرر الانساني الشامل.
وخلال تلك السنوات الطويلة التي مرت على قناعتي هذه رأيت الكثير من الشواهد التي تؤيدها، كما عاصرت الروح العامة اليائسة المتشككة التي تجابهها، رأيت نظما جبارة تنهار وجماهير تزحف وثورات تتحرف.. لم أفقد قناعتي يوما ولا أظن أني سأفقدها ولا أتمنى أن أغيرها أبدا.. فطالما بقي التمييز بين البشر -لأسباب غير عادلة- وبقي القمع والدجل لتمرير الظلم وتجميله.. لا معنى لتغيير قناعتي الثورية لأنني لا أنوي أن أعيش يوما واحدا منتميا لمعسكر الظالمين ولا لزريبة السلبيين.
يونيو-أكتوبر-يناير
أنا من جيل نكسة يونيو 1967 التي افتتحت معها سنواتي الأولى بالمدرسة، وعلى مدار المرحلة الابتدائية عشنا حلم أن نصبح ضباطا كي نقاتل اسرائيل الظالمة التي اغتصبت أرضنا وأعاقت مشاريعنا التنموية، وقد غذا هذا التصور أهالينا من شباب جيل "ثورة يوليو" والعدوان الثلاثي في 1956، كما غذته مناهج التعليم التي كانت تذكرنا بعرابي ومصطفى كامل وسعد زغلول.. قادتنا في "ثورات" شعبنا من أجل التحرير والاستقلال والتطور.
أذكر يوم كنت عائدا من المدرسة الى بيتي في الابتدائية وعرفت أن الحرب نشبت مع اسرائيل، وركضت الى بيتي ممتلئا بالحماس والرغبة في المعرفة والمشاركة بأية طريقة انشالله الصراخ مساء بجدية وقوة: طفي النوووووور! غااااااارة!
كنت أراني عضوا في عشيرة كبيرة مظلومة من الاستعمار الأوروبي-الأمريكي، تمنيت لو كان سلاح التلميذ سلاحا حقيقيا وليس كتابا! وباركت بكل مسامي "ثورتنا المسلحة" ضد الطغيان.
وانتهت الحرب فجأة بشكل محبط، بكاء والدي بحرقة في الهزيمة لا يوازيه فرحه المتواضع بالنصر، والجماهير التي دفقت في الشوارع رافضة للهزيمة لم تخرج للاحتفال، فالأرض التي فقدناها في النكسة لم نسترجعها بمجرد العبور رغم عظمته الخالدة، واسرائيل العدو الشرس لم تبرح أرضها –بل أرض فلسطين- ولا أرضنا!
وتابعت بشغف كيف سنكسب سياسيا ما لم نكسبه عسكريا، وهنا التقيت بشريط كاسيت عليه صوت غريب جدا يشدو بأغنيات أغرب.. الشيخ امام والشاعر فؤاد نجم اللذان ألهما جيل والدي ممن لم يستشعروا الخير في نظام ناصر الوهمي بعد النكسة ولا استبشروا بالسادات ومساراته الملتوية بعد أكتوبر.
وهكذا سمعت عن "الثورة الفيتنامية" و"الثورة الفلسطينية" "وثورة جيفارا"، ومن خلال هذا الصوت تعرفت على التمرد على السلطة، ولكني لم أقابله الا حينما اندلعت انتفاضة يناير عام 1977، حين ثارت الجماهير فجأة عقب أخبار عن رفع أسعار السلع الأساسية وفي مقدمتها الخبز –العيش- الذي يحمل في الوجدان الشعبي المصري دلالات خاصة.
كابن للطبقة الوسطى شعرت بذلك التناقض الذي اعترى عائلتي الكبيرة ومحيطنا الاجتماعي وقتها.. من تأييد غير مشروط لتأييد مشروط لاستنكار لعداء واضح.. وتسرب لي هذا التناقض طبعا، فالجماهير المحرومة المقموعة حقيقة واضحة وبالتالي غضبها مشروع، ولكن.. هذه الجماهير تندفع بلا هارمونية وهي خطيرة على السلطة وعلى نفسها أيضا، الجيش ليس مكانه الشارع طبعا.. ولكن من يسيطر على الشارع حين تختفي الشرطة؟!
وهكذا فهمت أن هناك معركتين: معركة على الحدود مع الاستعمار العالمي، ومعركة طبقية بين قلة من المنعمين وغالبية من المحرومين، وهكذا تولدت أسئلة متشابكة في رأسي المراهق على مدار العامين التاليين، وفي مركزها كبر التساؤل حول من أنا وما دوري في العالم ومن هنا تلمست أول الطريق للفكر الوجودي وأدب التمرد.. ووجدتني منحازا للغالبية المحرومة المقموعة دائما، ميالا الى ترجيح الخيار الثوري رغم مشاكله، والبحث عن أقصر الطرق الى الانجاز بما يجعل الثورة جراحة لا جزارة.
ايران
وفي الثانوية العامة اندلعت الثورة الايرانية، فرأيت الجيش الذي سيطر على الانتفاضة في مصر ينهزم أمام الجماهير في فارس، كنت بالطبع غارقا في تأييد الجماهير لأنهم محرومون مقموعون وذوو كرامة، ثم تقابلت بثلاث شقيقات ايرانيات من عمري كن هاربات مع أسرتهن مما سموه "جحيم الثورة"، وسألت بشغف ففهمت أن السلطة الدينية قتلت الكثير من الايرانيين، فكرهتها كما كرهت سلطة الشاه قبلها، ولكني لم أكره الثورة نفسها.. لأني لم أر حلا بديلا لها محليا، أو اقليميا، أو عالميا.. وصار السؤال الملح: كيف تكون الثورة حلا لا مشكلة؟؟
الدولة والثورة
دخلت كلية الحقوق عام 1980، ابتعدت بسرعة عن التيار الديني الذي مزج أمام عيني بين البلطجة والسماجة والدجل، وسرعان ما وجدت نفسي في التيارات اليسارية التي مزجت أمامي بين الحرية الشخصية والالتزام الاجتماعي وصلابة القلة –رغم عيوبها- أمام الغالبية.
اقتربت أولا من الناصريين ثم التقيت بكتاب لينين: الدولة والثورة.. وهكذا انجذبت للفكر الماركسي الثوري، وعلى مدار السنوات الست التالية تقلبت بين مختلف الأفكار اليسارية من الستالينية الى الماوية الى الجيفارية الى الفوضوية.. وبدا لي أن الثورة عملية معقدة.. وتساءلت كثيرا: هل تحتاج الثورة الى جيش شعبي منظم؟ أم الى عصابات مسلحة؟ أم الى حزب جماهيري؟ أم لنقابات ومنظمات؟ ما هي أول الخطوات التي ينبغي اتخاذها عشية الثورة وخلال أيامها الأولى بالذات؟ ما هي الكتلة الجماهيرية التي يجدر الرهان عليها؟ ما دور العنف؟ ما دور المثقف؟ حتى أرشدني ليون تروتسكي الى الطريق التي بقيت مخلصا لها لسنوات طويلة بعدها.. حيث اعتبرت الثورة الروسية هي النموذج الأم الذي يجب استنساخه مع الحذر من المسار الستاليني الذي انحرف بها أو مسار سلطة الملالي عقب الثورة الايرانية، وخلال تلك السنوات تعرفت على المجموعات التروتسكية المجهرية التي انتشرت وقتها لتجديد الفكر الاشتراكي الثوري الذي تجمد أو كاد.
غزو الكويت
كنت في نقابة المحامين في احدى الفعاليات الثقافية في أغسطس من عام 1990 حين عرفت أن صدام حسين قام بغزو الكويت، فتابعت بشغف تطورات الموقف، ووقتها تعرفت على مجلة الشرارة التي أصدرتها مجموعة اشتراكية ثورية صغيرة سمت نفسها جماعة تحرير العمل فتنظمت أفكاري لحد كبير، وأصبح واضحا لي أن ما تحتاجه الجماهير هو حزبها الذي ينظم ايقاعها، يبني استراتيجيتها، يقود نضالاتها، يتمركز في الطبقة العاملة بشكل أساسي ووسط الشريحة المثقفة الثورية، وخلال تلك السنوات كان الوضع محليا واقليميا وعالميا يؤكد لي أن تغيير العالم عملية مركبة، فالنظام الرأسمالي العالمي يزداد قسوة، الحل الاشتراكي معطل عالميا لعدة أسباب أهمها الاتحاد السوفيتي نفسه الذي فرحت لانهياره، الجماهير مغيبة لأسباب كثيرة وحين تهب تتخبط فاقدة البوصلة، النعرات القومية والدينية تنذر بالشؤم لما تحتويه من الخطر العنصري المزمن، النظم العربية مريضة، ونظام مبارك يزيد الأمور سوءا باستمرار.
وخلال التسعينيات من القرن الماضي تابعت كل شيء تقريبا، قرأت بنهم كافة التجارب الثورية المهمة تقريبا، وكان السؤال دائما: كيف يمكن بناء ذلك الحزب المأمول؟؟ كان التيار الاشتراكي الثوري خافتا عالميا ومحليا ولكنه كان وظل بالنسبة لي هو الخيار الوحيد الممكن نحو بناء عالم انساني بلا حدود.. تتجاور فيه الثقافات دون تناحر.. وينسجم فيه الانسان مع مجتمعه مع العالم بكل مؤسساته.
انتفاضة الأقصى
مع نهاية القرن العشرين وبدء الألفية الجديدة جرى حادثان جذريان: الأول تصاعد الحركة الجماهيرية في الغرب ضد العولمة الرأسمالية، ثم انتفاضة الأقصى التي فجرت الشارع من جديد، ورأيت مرة أخرى حشودا في الشوارع لم أرها من السبعينيات، وبرز للسطح كل التيارات الغاطسة، فاقتربت طبعا من التيار الاشتراكي الثوري، وخبرت بنفسي كيف يقف النظام حائط صد بين الصوت الثوري -بل والاصلاحي حتى- وبين الجماهير الغفيرة التي تذبح بافقار العولمة الرأسمالية وتغتصب باعلام مضلل في مصر وفي العالم العربي وفي العالم كله.
ورغم تصاعد تيار المقاومة ضد الصهيونية والامبريالية الرأسمالية الا أن الأمور ظلت محبطة لسبب أساسي: عدم وجود منظم لايقاع الجماهير الا الجماعات التي من المستحيل أن أتوافق معها اما لأنها شديدة المساومة أو شديدة العنصرية، بينما التيار الذي أؤمن به عاجزا عن التواصل الواسع مع الجماهير رغم علميته وصلابته النسبية، وصرت شبه واثق أن لدينا مشكلات محددة في التيار الاشتراكي الثوري عالميا تتركز في:
ضبابية الرؤية المستقبلية- صعوبة اللغة التي نستخدمها على العامة- وتفتت قوانا بين أجنحة متعددة تشكك الجماهير في خطابنا –المعقد أصلا- أكثر مما تجذبها اليه.. وهكذا صار يشغلني السؤال عن كيفية التبشير بهذه الرؤية بدقة مناسبة وبساطة لازمة مع الدعوة المستمرة لتوحيد اليسار الثوري.
وخلال السنوات القليلة الماضية انقلب العالم رأسا على عقب: انكشف دمارالبيئة بسبب الأنانية الرأسمالية، سقط المشروع الوهمي لتوحيد لعالم بسلاسة رأس المال وتزايدت الحروب المدمرة، ازداد الفقراء فقرا، وانجرفت البشرية في مواجهات منحطة بين العقائد والطوائف والثقافات، خربت الأخلاق، فسدت الضمائر، واشتد المرض النفسي على بني الانسان.. وعلى الجهة المقابلة قفز العلم خطوات للأمام، فتح الانترنت أحضانه للملايين، تقاربت مرارات البشر، واشتد الحنين للحظة ثورية عالمية.
سقف العولمة الرأسمالية
سقط المشروع الرأسمالي كله، مثلما سقط النظام الاقطاعي قبله ومثلما سقط النظام العبودي في الأزمنة القديمة، ولابد الآن من نظام عالمي ينقذ البشرية.. وهذا النظام في قناعتي يبدأ بسلسلة من الثورات التي تتقدم فيها الجماهير المحرومة-المقموعة لاسقاط الطبقات المالكة-الحاكمة وتصفية جميع مرتكزاتها السياسية والاقتصادية، عبر آليات تبدعها وتحميها وتراقبها وتوجهها الجماهير بنفسها.. التاريخ لم يتوقف، والجماهير التي أبدعت سابقا البرلمان والحزب والجمعية واللجنة المصنعية قادرة على ابداع المزيد من الآليات التي تطيح بمؤسسات عالم اليوم المريض من ديكتاتورية مجلس الأمن واستبداد البنك الدولي الى الحكومات الألعوبة في يد رأس المال العالمي والفعاليات العاجزة كالجمعيات الخيرية والجماعات العنصرية والطائفية.. تطيح بهذا كله وعلى أنقاضه تبني منظمات اجتماعية تدور حول الانتاج والخدمات والعلم والابداع بحيث نتوغل في القرن الحادي والعشرين ونحن نبني محيطا بشريا يتفاعل في هارمونية، فيتم استبدال الخريطة السياسية بالخريطة الطبيعية ويتحول العالم الى مناطق جغرافية متمايزة تعتمد التبادل والتعاون فيما بينها عبر طرق ديمقراطية وقد صار كل مجتمع مقسما الى اتحادات حرة للمنتجين قواعدها في مواقع العمل والأحياء السكنية، ويمتزج العمل البدني بالذهني، ويتطور البشر بعدالة وحرية ومحبة.
ومن هذا المنطلق تصبح كل ثورة شعبية من الآن فصاعدا شديدة الأهمية لأنها مطالبة باختيار مستقبل من اثنين: تكرار التجارب التي فشلت لدورانها في الفلك الرأسمالي سواء كانت ليبرالية أو رأسمالية دولة أو دينية أو قومية صرف -مع تزايد خطر الوقوع في الفوضى الوحشية أو الاحتلال الأجنبي- أو انتهاج مسار اشتراكي ثوري حقيقي يصفي قواعد رأس المال المحلي ويجابه قواعده الدولية أينما كانت، ويبني بالتالي حلفا كبيرا مع القوى الحية من جماهير العالم كله الغاضبة الآن من النظام العالمي برمته.
ثورة تونس
اندلعت فجأة ثورة تونس بينما المزاج العربي العام محبطا ويائسا رغم غضبه المتصاعد، ويدعم هذا الاحباط قطاع كبير من المتعلمين المنحطين الذين يتطوعون دائما بدور محطم المجاديف عوضا عن أن يكونوا شموعا على الطريق، وهي خيانة وجودية أولا حيث يخون المثقف نفسه ودوره، وخيانة لفقراء وضعفاء مجتمعه والذين هم أسوأ حظا منه تعليما وعملا ومعيشة.
المهم أن الثورة قامت بينما الشارع خال من الحزب الثوري المأمول، هناك أحزاب نعم وهناك تيارات نعم، ولكن ليس هناك الحزب الاشتراكي الثوري الذي نقصده ونتمناه وبالتالي نجد أنفسنا الآن أمام حقائق محددة:
-الجماهير المحرومة-المقموعة ثارت.
-النخب المتعلمة انضمت لها.
-السلطة واجهت الناس بالعنف البوليسي.
-الناس ردت بصلابة.
-السلطة استدعت الجيش الذي لم يتحمس لسحق الناس.
-السلطة حاولت تقديم تنازلات بالجملة.
-الجماهير انتهزت فرصة تراجع النظام فواصلت الهجوم.
-الرئيس التونسي يهرب بينما النظام نفسه لم يسقط بعد حتى هذه اللحظات.
-فوضى في الشوارع بين اختفاء البوليس وحضور الجيش بحذر وانتشار عصابات النهب وتشكيل الناس للجان دفاع.
-مع خلو الشارع من حضور الطبقة العاملة التي تستطيع أن تجيش وراءها الجماهير المتناثرة وتمضي بها في طريق مغايرة للتخريب والنهب.
في ظروف كهذه ستتحرك الكتل الجماهيرية بهدف احتواء الموقف.. ولكن أي احتواء نريد؟
من عيون التيار الديني هي فرصة للقفز على السلطة وهو ما سيفتح جبهة جديدة في المعركة المسماة بالحرب على الارهاب ويجر تونس الى مسار مظلم طبعا، ومن عيون الطبقة الحاكمة هي فرصة للتضحية ببن علي وعائلته مقابل الاستمرار في السلطة وفي الثروة طبعا وأدواتها العصابات المسلحة العميلة لها والجيش، ومن عيون الجيش لابد من حل مدني سريع والا حسمت الأمور بظهور جنرال كاريزمي يقفز على السلطة، من عيون الجماهير الغاضبة لابد من انتقام ولا مانع من نهب وتخريب لأنها ممتلكات لا يتصورونها يمكن أن تؤول لهم بأسلوب متحضر، ومن عيون المجتمع المدني بنقاباته وأحزابه وجمعياته لابد من حوار قومي موسع يؤسس للمجتمع الجديد وهو طبعا أمر جميل لو كان تم قبل الثورة وليس أثناء أحداثها المتلاحقة.
ما العنصر الغائب اذن؟ في رأيي الشخصي هو الحزب الاشتراكي الثوري.. الذي يوحد حركة الناس ويوقف تمدد الجيش في الشأن المدني ويصفي الطبقة الحاكمة تماما وفي نفس الوقت يجذب جماهير المنطقة والعالم الى الثورة الاشتراكية على الطراز الجراحي المنجز لا على الطراز الفوضوي العارم ولا على أي من الطرز التي أشرت لها توا والتي كما نرى جميعا تحمل خطر المقولة الشعبية: وكأنك يا أبو زيد ما غزيت!
ولكن هذا الحزب المأمول لم يجد فرصة كبيرة له في بريطانيا وفرنسا رغم تعملق الطبقة العاملة وتجذر الفكر الاشتراكي فيهما، ولا في مصر الأكبر عربيا كطبقة عاملة ذات تاريخ نضالي طويل، فكيف كان له أن يوجد في تونس ذات الطبقة العاملة الضعيفة أصلا؟ طبعا كان الاشتراكيون الثوريون في تونس يحاولون دائما ولكن القمع والجهل من جهة وعيوب اليسار الثوري الذاتية من جهة أخرى قيدتهم دائما.
اذن نحن لا نلوم أحدا ولكننا نضع أيدينا الآن على السبب الجوهري في رعبي على هذه الثورة النبيلة.. فمأزقها كبير: اما أن تندفع الجماهير لبناء حزبها وآلياتها التي تقوم بالمهام الاشتراكية الثورية فورا من تأميم ومصادرة وضرائب تصاعدية، ولجان قاعدية تنقل صوت الناس وتنظمه بسرعة من الحي وموقع العمل الى مركز اتخاذ القرار، ولجان دفاع عن الثورة تستوعب في قلبها شباب الفقراء والشباب المثقف الثوري جنبا الى جنب مع الشرفاء من شباب الشرطة والجيش الموالين للثورة والذين يأتمرون بأوامر جهاتها النيابية والتنفيذية والقضائية، واما حوصرت الثورة وتحولت الى نموذج مرعب لا جذاب للجماهير في العالم العربي وفي العالم ككل.
رباه! لكم أكره دور الواعظ الذي يجلس في مكتبه المكيف ينصح المناضلين عن بعد! ولكن لو كان ما أملكه الآن هو الكلام بحرية عما أحس وأتمنى فانني أنحني لشهداء ومناضلي تونس وأشد على أياديهم أولا، ثم أقول للدنيا كلها ما لدي الآن من باب محاولة الاشتباك مع الأحداث بحرقة وسرعة تناسبان الحدث الجلل.
ان أكبر ضمان لنجاح مطالب جماهير تونس هو أن تأخذ مطالبهم منحى اشتراكيا ثوريا واضحا وحاسما رغم صعوبة الظرف الموضوعي، فالسيناريو الذي ستنتهجه وهي تصفي الطبقة الحاكمة وتنقل السلطة والثروة للناس هو الذي سيجذب لها الأنصار من العالم العربي أولا ومن العالم كله ثانيا وسيشجع مجتمعات أخرى –أولها الجزائر الجارة المشتعلة أصلا والتي لها طبقة عاملة أكبر- على الخوض في نفس المسار.
ان انتشار الثورة خارج تونس هو الحل الوحيد أمام أهل تونس الآن.. فانتقال السلطة والثروة من الطبقة الحاكمة للجماهير يحتاج لطبقة عاملة قوية وحزب ثوري قوي والا تحول لقتل وسلب في الشوارع دون هدف، ولكن الطبقة العاملة التونسية صغيرة وحزبها الثوري لو وجد فهو بالتأكيد ضعيف، والطبقة الحاكمة لا زالت في السلطة ولا زالت في الثروة أيضا، والجيش الذي يحتل الشارع متناقض الاتجاهات ولكنه حتما سيميل دائما لوجود نظام ولو كان ظالما على وجود فوضى ولو كانت رد فعل لوضع ظالم أصلا.
اذن ما الحل؟
الحل في رأيي المتواضع جدا هو انحياز المجتمع المدني التونسي الآن الى الحلول الجذرية على طريق صراع الجماهير بالسلطة.. فتصوير الصراع على أنه انتهى بهروب الديكتاتور البائس هو شيء غير صحيح، والثورة على بن علي تعني الثورة على الغنوشي والمجلس الدستوري والدستور نفسه الذي لم يوفر للبعزوزي وملايين مثله حق الحياة بكرامة من التعليم للعمل للسكن للصحة للمعرفة للتعبير عن رأيه للمشاركة في صنع حياته ومستقبل بلده.
وهذا الدستور مهما تم تنقيحه على الدرب الليبرالي فهو لن يفي بالغرض.. فالليبرالية مشروع فلسفي كان ثوريا ابان الانتقال من المجتمعات الاقطاعية الى المجتمعات الرأسمالية، ولكنه تجمد وصار نفقا مسدودا وتحولت الرأسمالية معه الى مذابح وأكاذيب وتخريب بيئي ونفسي، ومن الغرابة أن نحلم ببناء مجتمع يريد الغربيون الآن تغييره بعدما ظهرت مفاسده الجمة.
ان النظر الى الجماهير الغاضبة التي فجرت الثورة باعتبارها شركاء في أزمة وشركاء في الحل سوف يقطع الطريق على الحل الليبرالي الفاشل، وعلى الحل العسكري الكسول، وعلى الحل الطائفي الذي سيجر من المشاكل أضعاف ما سيحل.. والنماذج كثر.
معنى هذا تحطيم الدولة القديمة بالفلسفة التي تستند اليها وخلق شيء جديد يربط قيمة الانسان بعمله وعطائه، والتعاطي مع القضايا التفصيلية لتوزيع الثروة والسلطة بجدية وابداع.. التونسيون أقدر الناس على حصر منابع ثرواتهم وقدراتهم البشرية وتصور حلول منجزة، فقط يجب أن ينظر المهنيون التونسيون الى الجماهير الفقيرة غير المتعلمة باعتبارها أصل الثروة واحتياطي لا ينضب من الانتاج والابداع، لابد من دمجهم في جميع الحوارات القومية وليس اقصاؤهم عنها ومطالبتهم بالعودة للهدوء ولا تجاوزهم لحوارات مع الجيش فقط، هؤلاء الناس الذين ثاروا من أجل الظلم الاجتماعي وشعارهم الخبز -فشدوا وراءهم المدافعين عن الحريات- هم شركاء أصليون في الثورة بما يمثلونهم من فلاحين وعمال وحرفيين ومهمشين ومعطلين عن العمل.. وجميع المطالب الثورية والوسائل الثورية التي تنفذها يجب أن تتبنى العالم من عيونهم، يجب سحق جذور التمييز بين البشر في التربة التونسية الآن حتى يرى العالم نموذجا مبهجا يحشد الملايين وراء الثورة لا ضدها.
ان الذعر من انفلات الجماهير سينمحي اذا تم ادماجها في المجتمع الجديد ليس من منظور الاكتفاء بالحريات الليبرالية السخيفة كحرية الصراخ أو السكر أو الانتحار (!) بل من منظور فتح الطرق أمامها للتطور المتوازن الذي يراعي تطور الفرد بتطور عطائه لمجتمعه لا بتميزه في القفز عليه، ومعنى ذلك عمليا هو أن ما أبدعه الشعب التونسي من لجان للدفاع من الأمس الى اليوم يمكنه أن يتجذر أكثر بحيث تعم هذه اللجان كل تونس وتتولى مسئوليات اضافية غير الدفاع عن الممتلكات من العصابات المسلحة من أذناب النظام القديم أو من الجماهير الجائعة، ومن انتشار هذه اللجان القاعدية عبر جميع الأحياء ومواقع العمل ينبني مجتمع جديد يستمع بشغف للاحتياجات كي يخطط انتاجه وخدماته على أساسها فقط.. دون تمييز بسبب الجنس أو الطائفة أو الطبقة.
وما الضمان؟ لا ضمان! وما هو أصلا المضمون فيما تم خلال شهر من الاضطرابات في تونس سقط بعده رأس النظام صحيح ولكن لم يسقط النظام الطبقي الظالم نفسه.
ان التفاف الجماهير العربية حول الثورة التونسية أمر شبه مؤكد، ولكن الحذر البالغ هو ما يسيطر على المشهد العربي.. فتجاربنا المهينة منذ النكسة الى الانقسامات والهزائم المتتالية ووضعيتنا الحالية تضغط على مشاهد النضال والتفاؤل التي عشناها بأنفسنا مثل العبور العظيم وصمود السويس والانتفاضتين الفلسطينيتين والمقاومة اللبنانية مثلا، وفي نفس الوقت خبرنا في العالم العربي انقلابات عسكرية سمت نفسها ثورات ولكننا لم نخبر ثورة واحدة شعبية ناجحة من الألف للياء لا على الطراز الأوروبي الكلاسيكي ولا على طراز أمريكا اللاتينية وشرق أوروبا مؤخرا، خبرنا ملوكا يسمون نفوسهم رؤساء ولم نجرب عبارة الرئيس السابق الا لو كان معها كلمة المرحوم أو الخائن!
اذن الشارع العربي يحس بتونس وعينه عليها، يتمنى بقلبه انتصار الثورة ولكن ذكرياته وأوهامه تصعب عليه الاختيار الثوري، يراقب ما يحدث عله يستلهم منها الأمل أو اليأس الى الأبد!
وفي الختام
أتمنى من الجميع ملاجقة أحداث تونس.. فمن جهة يتعلم الثوريون هنا وهناك ما الذي ينقصهم في ثورتهم القادمة، ومن جهة يخرس قليلا محطمو المجاديف وينصتون لقوة الواقع المعقد، ومن جهة ثالثة يعي الحكام العرب الدرس.. مع أن الدرس الوحيد الذي أرشحه الآن لهم هو ضرورة تغيير مطار مالطة لأنه انكشف، وضرورة التربيط مسبقا مع الجهة التي تقبل استضافة الديكتاتور حتى لا تطول به رحلة الهرب الليلي المهين في الطائرات الباردة!
سأحتفظ في ذاكرتي ما حييت بصورة البعزوزي وهو يحترق احتجاجا، بلقطة الشابة الجميلة على أكتاف المتظاهرين وهي مليئة بالثقة بقرب النصر تداعب شعرها في حمى الصراخ الثوري، كما سأحتفظ ما حييت في ذاكرتي بلقطة بن علي وهو يقول للناس بمعلمة وقرننة: أنا فهمتكم!
بل لم تفهم شيئا البتة يا رجل! لم تفهم التاريخ لأنك لم تقرأ ولم تفهم الشعب لأنك لم تحس ولم تفهم نفسك لأنك لم تتأمل.
لو أستطيع لقبلت أقدام الشهداء جميعا.. ولقبلت جميع الجباه الحرة التي قالت لا حينما كان كل شيء حولها يقول: نعم!
عاشت الثورة
خالد الصاوي

Thursday, February 04, 2010

في رحاب المسرح

شكر في مبتدأ الكلام:


اسمحولي أولا أن أشكر ملتقى الشارقة السابع للمسرح العربي ودائرة الثقافة والإعلام بحكومة الشارقة على هذه الدعوة الكريمة، والمزيد من الشكر على نص الدعوة الذي ينم عن ذوق رفيع واحترام ملفت للنفس وللغير. شكرا جزيلا لكم، وإنه لشرف حقيقي لي أن أقف بينكم الآن لأعرض تجربتي المتواضعة معبرا عن نفسي، متمثلا جيلي قدر الإمكان، وممثلا لبلدي ولو بشكل غير مباشر، وأتمنى مخلصا أن أكون على قدر هذه المسئوليات الشريفة.


ثم إنني أقدم شكري العميق للملتقى لاختياره لهذا الشعار الدال في دورته السابعة (المسرح والجمهور) ذلك أن أغلب الدراسات المسرحية يركز على ما يدور على الخشبة أو بالفضاء المسرحي، بينما يحتاج أنصار وأحباء المسرح اليوم إلى استكناه هذا الحبل السريّ الذي يربط المعروض على الناس.. بالناس أنفسهم.


ليس كلُّ قديم زائلا


ظهرت السينما للوجود منذ أكثر من قرن لتطرح سؤالا وجوديا على الفن المسرحي برمته: (هل يموت المسرح الآن؟) ولكنه لم يمت. وقبل انتصاف القرن العشرين تحرش التلفزيون الوليد بالمسرح وأعاد طرح نفس السؤال: (هل يموت المسرح الآن؟) ولكنه صمد. والآن ونحن نخطو بتوتر في مستهل العقد الثاني من القرن الجديد وسط عالم متغير شديد القسوة والتعقيد يتم طرح نفس السؤال من حلف فنون الشاشة والذي ضم إلى جانب السينما والفيديو كلا من الكمبيوتر والإنترنت. ولكن المسرح –في رأيي المتواضع- لازال قادرا على تجديد نفسه والحياة جنبا إلى جنب مع المنجزات التقنية الجبارة طالما استمر تجمهر الناس في الشوارع لمشاهدة شجار طريفا كان أو دمويا، أو لمتابعة أحد المختلين يأتي بما لا نتخيل نحن إتيانه، وطالما استمرت المشاركات الجماهيرية في الموالد والكرنفالات والأفراح والمآتم والمباريات ومسيرات الاحتجاج أو التأييد وكل ما يتماس بشكل أو بآخر مع عملية "مسرحة الحياة" إن جاز التعبير، سواء اتخذ هذا التجمهر شكلا فضوليا أو طقسيا أو تمرديا أو غير ذلك من أشكال، وأيا ما كان وراءه من بواعث.


ومع ذلك نحن لا نستطيع رهن وجود المسرح بضرورة توفر الحشد الجماهيري، فعروض مسرح الغرفة والمائة مقعد والجرن والمقهى والباص تنتمي كلها للمسرح بأصالة مهما قل عدد الجمهور، بل علينا أن نعترف –وربما نفخر- بأن الفعل المسرحي متحقق بالكامل حتى في حالة لاعب أراجوز واحد وطفل هو المشاهد الوحيد، حيث يوجد أمامنا عارض وعرض ومعروض له.


وطالما وسعنا أفقنا المسرحي هكذا فلنا أن نستمتع باستكناه طبيعة اللقاء المسرحي، أي العلاقة الحيوية بين العرض والجمهور سواء ذهب الجمهور إلى المسرح أو ذهب المسرح إلى الجمهور، وسواء كان العرض مجانيا أو بتذكرة، مخططا أو مرتجلا، وسواء كان العارض بشريا أو دمية، وسواء كان المشاهد متلقيا سلبيا أو مشاركا بشكل ما في مجريات العرض. يبدو لنا إذن أن المسرح سيعيش طالما ظلت حاجة الإنسان إلى معايشة حدث حي من خلال المتابعة المباشرة والتفاعل معه بصريا وسمعيا، أو بالقول والحركة حسب نوع الإطار المسرحي الحاكم لهذا التفاعل الآني بين ما نسميه مجازا "بالخشبة"، وما نسميه مجازا أيضا "بالصالة".


الخلاصة: إن هذه العلاقة الحية والمباشرة ليست فقط سر جاذبية المسرح وتميزه عن فنون الشاشة والمايكروفون، بل هي أيضا بوصلته وقارب نجاته وخلوده، وإذا كان أنصار المسرح وأحباؤه مهمومين بتطوير المسرح فلابد لهم في رأيي من الاقتناع بأن تطويره في هذه اللحظة التاريخية الغريبة ليس متوقفا أساسا على توفير المزيد من التقنيات المسرحية أو الغوص في متاهات السينوغرافيا والتعبير الجسدي للممثل أو الاعتصام بتقاليد الإبهار في عروض الكوميديا الموسيقية التي لازالت ناجحة عالميا أو عروض المسرح الشامل المعاصرة والتي تضمّن الشاشة في العرض المسرحي، نعم كل هذا –وغيره- هام وجميل، لكنه ليس ضامنا وحده لتطور المسرح، بل يرتبط هذا التطوير في تصوري ببعث الحيوية في العلاقة بين الخشبة والصالة أيا ما اتخذته هذه العملية من مسميات أو رمت إليه من مدلولات تدور كلها حول تحرير وعي ووجدان المشاهد المسرحي المعاصر، وحفزه على التعاطي مع قضايا عالمه المتغير، وإعادة النظر في كثير من المسلمات الاجتماعية والجمالية، والمشاركة في إعادة بناء واقع جديد ينطلق من اللحظة المسرحية ليمتد إلى ما بعد العرض وخارج الفضاء المسرحي كله.


تجربتي المسرحية:


البداية:


تعرفت أولا على المسرح السائد كغيري من أبناء مجتمعي من خلال التلفزيون الذي كان ولازال له الأثر الأكبر في اختزال الفن المسرحي في الكوميديا التجارية، حتى حدث أن التقيت بالمسرح الآخر في زياراتي لأوروبا وأنا مراهق في نهاية السبعينيات، فوقعت تحت تأثير السحر المسرحي حيث تشعر أنك تدخل معبدا لا قاعة أفراح، وحيث الحركات طقوس أكثر منها مادة للإضحاك، والكلمات موسيقى لا لغو ومهاترات، والإضاءة معمل إيحاءات لا مجرد مبررات للإنارة.. وهكذا عشقت المسرح.


وباندماجي في المسرح الجامعي كاتبا وممثلا ومخرجا مبتدئا تعلمت كيف تصنع العرض المسرحي وكيف تتفاعل مع جمهورك من الطلاب الذين يشاركونك نفس الهموم والأحلام، وتعرفت على مشكلة الرقابة على التعبير وعلى العجز عن تمويل العروض أحيانا، واستنفرت للدفاع عن مسرح كلية الحقوق بجامعة القاهرة -والذي شرفت بأن أكون أحد قادته وقتها- ضد الإدارة البيروقراطية حينا، وتدخلات السلطة السياسية أحيانا، والممارسات الفاشية من الجماعات الدينية المتطرفة ضدنا في مطلع الثمانينيات، ناهيك عن سخف أهالي الطلاب من أعضاء فريق المسرح الذين وقفوا أكثر من مرة عقبة أمام تجاربنا البكر بدعوى الخوف على أولادهم وبناتهم من المناخ المسرحي وما قد يجره عليهم من مشاكل دراسية أو أخلاقية.


كان المسرح الجامعي وقتها يمور باتجاهات ثلاثة أسميها على مسئوليتي: مسرح الضحك للضحك، مسرح الشجن المنفر، ومسرح التمرد.. الأول طموحه تحقيق نجاح طلابي مضمون، والثاني طموحه التعبير عن آلام جيله الشاب وحيرته، والأخير يسعى إلى الارتباط بجمهوره الطلابي عبر استفزاز طاقته المتمردة وتوجيهها نحو الثوابت والمعوقات.. ومن الفصيل الأخير أنا. وكما هو واضح فقد اختلفت الاتجاهات على طبيعة العلاقة التي تربطنا بالجمهور أصلا وهل هي علاقة التسلية المهادنة؟ أو الشجن المنفر؟ أو الاستفزاز البناء؟


قدمت أولى مسرحياتي "القضية بهية" مؤلفا وممثلا على مسرح كلية الحقوق وأنا في الثامنة عشر من عمري، ولأن العرض يدور في محكمة فقد تم استغلال الجمهور كحضور في قاعة المحاكمة، ثم قدمت "الغفير" مؤلفا ومخرجا وأحد أبطال العرض في سن العشرين وتجولت به داخل وخارج أسوار الجامعة، وقد حاولت في أولى تجاربي الإخراجية إدراج الصالة في العرض، فانتزعت جزءا منها أقمت عليه منصة إذاعة البيانات الرسمية المضللة، كما جعلت ختام العرض وابلا من الطلقات التي تنهمر من جنبات الصالة تأكيدا للروح الانقلابية في آخر العرض. وقد حمل هذان العرضان الركيكان جينات المسرح الذي سأسعى لتقديمه فيما بعد حتى آخر عروضي "اللعب في الدماغ" عام 2004 من حيث حضور الهم السياسي وتحدي القمع والثوابت والانحياز للإنسان الصغير ومزج الجد بالهزل والرقة بالعنف، والدفع باللقاء المسرحي بالناس إلى حافة شكل المؤتمر الجماهيري والمحاكمة العلنية.


وخلال تلك الفترة أسست مع أقراني الجمعية المصرية لهواة المسرح واعتبرها البعض أداة لتعريف الوسط المسرحي الاحترافي بهم، واعتبرها البعض الآخر –وأنا منهم- متنفسا لعروضنا الفقيرة المتمردة التي لا يمكننا تقديمها على المسرح الجامعي أو عبر مسارح الثقافة الجماهيرية التابعة للدولة. ثم حدث في عام 1987 أن شرفت بافتتاح مهرجان جمعية هواة المسرح للمونودراما بمسرحية من تأليفي وبطولتي هي "مرة واحد"، وقد دفعت في هذا العرض ثمنا باهظا لمسحة الغرور التي شابتني بعد نجاحاتي السابقة في المسرح الجامعي وجمعية الهواة، وتعلمت من وقتها أن للجمهور هو الآخر طاقة رهيبة يمكنها سحق الممثل المتردد أو المغرور على حد سواء، وتعلمت الإنصات لنفسية الجمهور ولو كان صامتا، واستبصار مكنوناته حتى لو لم أكن أبصره جيدا لوقوعه في المنطقة المظلمة، ولازمني منذئذ وسواسي القهري بشأن عملي وهو نقمة حينا ولكنه نعمة في أغلب الأحيان.


المسرح في الثمانينيات


كانت الخريطة المسرحية في الثمانينيات مقسمة إلى قطاع المسرح التجاري بعروضه الكوميدية التي تغازل المشاهد الخليجي الباحث في القاهرة عن المتعة السياحية العابرة وتغازل معه جمهورا من التجار والموسرين ممن يمكنهم الاستمتاع بعروض باهظة التذكرة تبدأ في متأخر الليل وتنتهي في بواكير الفجر، مسرحيات نمطية مهادنة لها ستار وبوفيه متجول أثناء العرض وتوليفة فنية ثابتة. وهناك من جهة أخرى قطاع مسرح الدولة بفرعيه: هيئة المسرح والثقافة الجماهيرية وقد صارا مستقرا لبيروقراطية خانقة وزال عنهما رحيق النهضة المسرحية التي عرفناها في الستينيات، قطاع جمهوره محدود الدخل مثله، آخذ في التحلل مع تحلل دولة الطبقة الوسطى وبزوغ دولة الانفتاح الاقتصادي، ومسرحياته يغلب عليها الشجن المهزوم الذي قد ينفر الجمهور أحيانا. وبالإضافة لهذين القطاعين الكبيرين هناك قطاع من هواة المسرح في الجامعات وفي الفروع المحلية لجمعية الهواة وخارجها ممن لا يجدون مساحة لهم على الساحة المسرحية الاحترافية، أو ممن تضيق بتجاربهم المشاكسة أروقة المسارح. ومن قلب هذا القطاع الأخير بدأت وزملاء من جيلي البحث عن صيغة جديدة يمكننا من خلالها تقديم أنفسنا ومسرحنا لجمهور نرتبط به عضويا كما حدث لنا مع المسرح الجامعي قبلها بسنوات قليلة، وبدأت تظهر أنوية مسرحية جديدة ستعرف فيما بعد بحركة المسرح الحر مثل فرقة السرادق للمرحوم صالح سعد والورشة لحسن الجريتلي وشباب المسرح للمرحوم حازم شحاتة وفرقة الحركة التي أسستها عام 1989 مع حفنة من زملائي لتكون بيتنا المسرحي ومستقرا لتجاربنا المتمردة، بعد عام واحد من بدء المهرجان السنوي الدولي للمسرح التجريبي الذي أطلقته وزارة الثقافة المصرية فنظرنا من نافذته على التجارب المسرحية الجديدة ليشتعل خيالنا بالرغبة في التجريب على كل مفردات اللعبة المسرحية وفي قلبها طبعا العلاقة بين الخشبة والصالة.


وفي عام 1989 خضت تجربة شديدة الأهمية في مشواري حيث شاركت ببطولة مسرحية "سكة السراية الصفراء" من إبداع المرحوم بهائي الميرغني والذي كان هو الآخر واحدا من ضحايا الكارثة اللعينة التي ضربت جيلنا في مقتل وأعني بذلك حريق مسرح بني سويف عام 2005 والتي راح فيها أكثر من 40 من إخواننا، رحم الله الجميع وأسكنهم فسيح جنانه. كان بهائي مغرما بمشروع توظيف العناصر التراثية في العرض المعاصر، فكون فرقة باسم الطيف والخيال وقام بتدريبي أنا ومجموعة العرض على تحريك خيال الظل ودمية القفاز لنقدم في باحة وكالة الغوري بحي الأزهر الشعبي أحد أهم العروض التي عاصرتها على الإطلاق حيث أعاد بهائي صياغة نصين ليونسكو ليصنع ثلاثة مستويات من التمثيل أولهم التمثيل البشري وثانيهم دمية القفاز وثالثهم دمية خيال الظل، وقد استفدت من كل شيء في هذا العرض، استفدت من خبرة العرائس ومن خبرة الغناء على الخشبة ومن خبرة التعامل مع جمهور شعبي في عقر داره حتى إن أطفال الحي كانوا ينادونني "جاد" -وهو اسم الشخصية التي كنت ألعبها- كلما رأوني داخلا أو خارجا من الوكالة.


وقدمت في نفس العام مسرحية "المزاد" من تأليفي وإخراجي كما شاركت ببطولتها، وكان أكبر التحديات وقتها هو موقع العرض حيث كان علينا أن نطوع قاعة مبنى جغرافيا القديم بكلية الآداب لكي تصبح قاعة شبه مسرحية، وكان المفتاح بالنسبة لي هو احترام المسافة الضيقة بين العرض وجمهوره الذي يجلس على المستوى صفر، فجعلت معارك السلاح الأبيض تدور على مسافة مترين من المشاهد، وانطلقت صرخات الهلع مع انتشار الدماء على قميص أحد الممثلين، وللحظات ظن البعض أنه دم حقيقي! ونجح عرض المزاد وسط جمهوره الشاب فتجولت به وتعلمت أن العرض الذي يتم تصميمه ليكون عرضا حميميا في قاعة قد لا يصلح للتقديم في إطار العلبة الإيطالية أو المسرح المكشوف ليس لأسباب سينوغرافية فقط، بل لأسباب تفاعلية أساسا. لقد كان هدفي الأصلي هو وضع الجمهور على مسافة قريبة جدا من الكابوس المسرحي الذي أعرضه عليه وأبث من خلاله رؤيتي لعالم مجنون بالقتل والاستعباد والوحشية، وقد خف هذا الأثر كثيرا مع توسعة المسافة بين الجمهور والعرض.


وفي العام التالي قدمت ديودراما بعنوان "الدبلة" بقاعة جغرافيا وكنت أسعى وقتها لتقديم كابوس آخر لشاب وزوجته من المثقفين المنهزمين في معركة السوق، ثم تجولت به هو الآخر عقب نجاحه ولكني حرصت على التعلم من التجربة السابقة.


تجربة جيل التسعينيات:


في سبتمبر من عام 1990 أطلقنا مهرجاننا الأول لفرق المسرح الحر، وقدم شباب جيلنا وقتها مزيجا من روح الهواية وملامح الاحترافية من خلال عروض لا تخلو من جدة وعمق، وعبر سنوات التسعينيات انفتح الوسط المسرحي –بتقدير أو بفضول بحت- على جيلنا اللامنتمي لمسرح الدولة ولا للمسرح التجاري البحت ولا لمسرح الهواة، وصار واضحا أننا جيل جديد لديه رؤاه التي يدافع عنها والتي تشتبك مع الواقع الوجودي والواقع الاجتماعي والواقع الجمالي أيضا. وخلال سنوات قليلة تم الاعتراف على مضض بحركتنا الوليدة المتمردة وإن اختلفت منطلقات تمردها مما مهد لوجود ثلاثة اتجاهات داخل حركتنا، وكان السجال هذه المرة أيضا حول العلاقة بالجمهور ولو بشكل غير مباشر، فقد رأت فرقة الورشة الاحتماء بالممول الأوروبي الداعم للثقافة المسرحية مع تقديم عروض مجانية، بينما أصرت فرقتي –الحركة- على الضغط لانتزاع أي جزء من الرقعة المسرحية التي يسيطر عليها المسرح الحكومي وحشر النشاط الأهلي في فم الدولة –إن جاز التعبير- مع فتح شباك تذاكر رخيص، وتردد اتجاه ثالث من عدة فرق بين الأطروحتين حتى حسم أمره في السنوات الأخيرة بتقديم مسرح متجول يتم بيع ليالي عرضه سلفا.


وفي تلك المرحلة مُنِّي مشروعي المسرحي بهزائم منكرة، فلا أنا استطعت تجنيد كل شباب المسرح الحر تحت مظلة الاتحاد المقترح للفرق المسرحية الحرة بالجمهورية للضغط من أجل انتزاع أي جزء من الرقعة المسرحية الحكومية، أو الضغط من أجل السماح بمسرح الشارع والمقهى (وهما من المحرمات التي تواترت على حصارها السلطات في مصر منذ صدور لائحة التياترات عام 1913 والتي بسطت يد السلطة على رقبة المسرح)، ولا نجحت في جذب أي تمويل يذكر لمشاريعي المسرحية الطموحة. وفي عام 1992 قدمت عرض حفلة للمجانين لليلة واحدة فقط هي كل ما أمكن تمويله بعد شهور من التدريب المضني! وتوارى مشروع عرض حفلة للمجانين والذي كنت أنوي فيه تأسيس العلاقة بين الجمهور والعرض من الفناء المؤدي لدار العرض حيث يدخل المشاهدون فيجدون المرضى النفسيين حولهم وكأنهم في فناء مستشفى الأمراض النفسية، وبمجرد دخول الناس قاعة العرض تتحول الخشبة والصالة لعنبر كبير محكم الغلق -وهو ما ستشتبك معه الدراما عبر العرض- مما قد يساعدني على إشاعة روح التوحد بهؤلاء المرضى الذين كنت أفسرهم باعتبارهم حالمين هزمهم الواقع الاجتماعي والسياسي، وهكذا نعيش معهم محبسهم وثورتهم وثورتهم المضادة واحتجازهم للطبيب ومفاوضتهم للإدارة بالخارج والتي لا تكف عن محاولة اقتحام العنبر، وكنت أتمنى أن أتجاوز ما تصورته في مونودراما قديمة ألفتها عام 1986 بعنوان "الراوي في مسرحية الليلة" تدور حول احتجاز الممثل الفاشل للجمهور في قاعة العرض كي ينتزع منه الاعتراف به!


متغير جديد هام.. الهناجر


كان لابد من حدوث شيء ما يبعث الأمل في مشروعي المسرحي وهو ما حدث في عام 1993 مع إنشاء مركز الهناجر للفنون والذي كانت له اليد البيضاء عليّ وعلى حركة المسرح الحر عموما بالرغم من التناقض المستمر بين رغبتنا العارمة في الاستقلال التام عن الدولة وبين وضعية الهناجر كجهة تابعة لوزارة الثقافة المصرية، ولم يحل هذه الإشكالية عبر السنوات التالية إلا وجود شخصية ليبرالية استثنائية على رأس المركز هي الدكتورة هدى وصفي التي استطاعت بصبر مذهل وتفان غير مسبوق جعل الهناجر ساحة نشطة للتعاون بين النشاطين الحكومي والأهلي، فضلا عما وفرته لحركتنا الشابة وقتها من الورش المسرحية الهامة التي تعلمت منها الكثير وأخص بالذكر الورشتين الفرنسيتين للمخرجين جون ميشيل بريير وميشيل كوكوزوفسكي وهذا جزء من كل كبير، تعلمت في الأولى أسس عمل الممثل وفنيات المهرج وكيفية السيطرة على الجمهور، وتعلمت في الثانية نبذة عن التعامل مع المادة المسرحية وتحويل النص المصمت إلى عرض حي. واستوطنت مركز الهناجر لأقدم تجاربي الأكثر أهمية في مشواري وهي عبارة عن عدد من المسرحيات التي شرفت بالتمثيل فيها فمنحتني اسما مسرحيا ملفتا وقتها إضافة إلى الثلاثية التي قدمتها مؤلفا ومخرجا لفرقة الحركة ومن إنتاج الهناجر ما بين عامي 1997 و2004 والتي سوف آتي لذكرها بشيء من التفصيل بعد قليل.


لدي أولا تجربتان عكسيتان في عامي 1994 و1996 أحب أن نتشارك في رؤيتهما الآن لما قد يلقيان به من ظلال على المسرح المدرسي –ولا نهضة مسرحية بدونه- وعلى تدريب الهواة.


في عام 94 دعيت لإخراج عرض الختام للعام الدراسي بإحدى مدارس الراهبات، وتحمست لأن يخرج العرض محملا بأنفاس التلميذات حتى تتجاوب معه زميلاتهن ممن سيشاهدن العرض، وربما كان طموحي لحظتها أكبر من قدراتي أو ربما عاكستني ظروف المدرسة نفسها التي أصرت على تهميش وقت التدريب المسرحي، المهم أني قدمت بالفتيات شيئا بشعا على المسرح افتقر إلى التنظيم والثقة فحق إسدال الستار عليه أثناء عرضه وهو ما حدث، وأسدلت الستار بيدي معترفا بهزيمتي المريرة في وصل الخشبة بالصالة في رباط حيوي، ولازلت أذكر أعين الفتيات الدامعة وقول إحداهن لي: لن أكرر هذه التجربة ما حييت!


مررت باكتئاب حاد ولكني تعلمت شيئا جديدا بخصوص تدريب الهواة وهو ما مكنني من قبول التحدي الجديد بعدها بعام حينما دعيت لإخراج مسرحية لفريق مسرح كلية الآداب جامعة القاهرة. ومن البداية طلبت من الشباب وقتا طويلا للتدريب، كما فتحت مساحة واسعة للارتجال لكي أطل على عالم الجامعة الذي يعيشه ذلك الجيل، وبدأت أكتب سكتشات متفرقة وأجربها مع الشباب حتى تكامل نص "الميلاد" وقدمته لإدارة الجامعة فاصطدمنا لاعتراضها على كل المشاهد تقريبا، وانسحبت من التجربة كاسبا نصا جديدا ستكون له أهميته في مشواري بعدها، كما استطعت تطوير أدواتي في تدريب الهواة وتجديد خيالي بما أنصت له من قصص ويوميات جيل أصغر مني.


وفي عام 1996 أمكنني أن أثأر لنفسي من فشل عرض مدرسة الراهبات وبتر تجربة الميلاد بالجامعة حين دعيت من أحد نوادي الروتارأكت -أو شباب الجمعية الخدمية المعروفة بالروتاري- لتقديم عرض بشباب النادي لرفاقهم في ختام النشاط الرمضاني. التقيت بالمجموعة وأفهمتهم أننا سنأخذ المسار الصعب حيث الجدية التامة والتدريب الشاق رغم أننا سنقدم عرضا خفيفا، وهكذا قدمنا ما سميته بالفزورة المسرحية وكان عنوان العرض "سر المهنة" وهو عبارة عن سكتشات متتالية لا رابط بينها إلا المهنة التي يفترض أن يخمنها الجمهور جريا على تقاليد الفوازير الرمضانية، ونجح عرض هؤلاء الشباب الهواة وسط جمهورهم وصرت جاهزا للمضي خطوة للأمام.


قدمت نص الميلاد لمركز الهناجر للفنون وقد صرت أحد أوجهه التمثيلية الواضحة منذ إنشائه وعلى مدار أربع سنوات قدمت خلالها أدواري التي أعتز بها في مسرحيات عربية وعالمية لشكسبير وأرثر ميللر وهارولد بنتر وسعدالله ونوس وغيرهم من المؤلفين العظام، وقد أخرجها زملائي بتميز واضح وأخص بالذكر منهم محمد أبو السعود وحسن الوزير وعفت يحيى.


ثلاثيتي في الهناجر


قدمت بفرقة الحركة ومن إنتاج الهناجر ثلاث مسرحيات من تأليفي وإخراجي وتمثيلي جربت فيها كل ما استطعت تجربته من العمل على النص منفردا أو مع ورشة كتابة، المشاركة في تصميم الإضاءة والألحان المسرحية، تجربة وسائل بدائية أو ذكية للدعاية، وإدارة فريق عمل كبير والارتباط بالجمهور بتوزيع استمارات استبيان عليه وجمعها منه وتحليل آراء الناس وتوجهات الرأي العام.. نعم استطعت بالهناجر وعبر هذه العروض الثلاثة أن أجرب كل شيء يمت للمسرح بصلة.


كان الميلاد عام 1997 تجربة شاقة وهو أول هذه الثلاثية التي أشرت لها منذ قليل، كان طموحي أن أكثف حوالي خمسين عاما من تاريخنا السياسي والاجتماعي في عرض منفتح على الجمهور لدرجة دمجه فيه، أردت تقديم سكتشات بلا صلة ظاهرية ولكنها تترابط في ذهن الناس على مدار العرض وكأننا قمنا بمسح شامل لكافة المؤسسات الاجتماعية والسياسية في مجتمعنا واصطدامها بطموحات الإنسان الصغير. وهكذا استبحت كل زوايا الصالة وجعلت الممثلين الاثنين والعشرين يداعبون الجمهور تارة ويتشاجرون وسط الجمهور تارة، يخرجون بالمظاهرات من قلب الجمهور بل ويعرضون عليه بضاعة الباعة الجائلين في أحد المشاهد، وصولا للمحطة الأخيرة من العرض حيث يندمج المهرجون بالجمهور وهم يغنون معه ويحفظونه أغنية الختام المتحدية الساخرة على لحن لشابلن في فيلم العصور الحديثة:


الدنيا دي بطيخة من حظك لو كات حمرا


أما لو طلعت قرعة إياك تسكت وتنخ


ومادام العالم صايع ونظامه هو الفردة


إفرد نفسك في الشدة واديها شوية مخ!


ونجح الميلاد نجاحا كبيرا بتوليفته التي تبلورت في ذهني على مدار أعوام وأقصد بذلك حس الكباريه السياسي والاجتماعي مع مسحة الكوميديا السوداء، مع البطولة الجماعية ومزج فنون الأداء المختلفة، وإدماج الصالة في العرض وخلق فوضى ظاهرية يكمن خلفها تخطيط محكم، وتدريب الممثلين على الارتجال في مساحات محسوبة، ومشاكسة الرقابة، وما إلى ذلك من سمات للمسرح الذي أحببت تقديمه قبل وبعد الميلاد.. هذا العرض الذي أدين له بالكثير.


وفي العام التالي 1998 قدمت تجربة شديدة الصعوبة هي "أنطوريو وكيلوبطة!" حيث قررت أن أبدأ من حيث انتهيت بالميلاد، أي بعد تحول الممثلين إلى مهرجين لهم أنوف حمراء ويرتدون ملابس عجيبة ويستدعون الروح الطفولية في المكان وفي أعماق الجمهور. وكنت قد رشحت بفرقة الحركة من قبل الهناجر لتمثيل مصر في مهرجان ديونيزيا بروما والذي تتنافس فيه فرق شابة من حوض البحر المتوسط، ففكرت في عرض للمهرجين يفسر لنا التاريخ بطريقة جديدة تضحكنا ظاهريا ولكنها أيضا تبث فينا نوعا من الوعي النقدي الذي قد نحتاجه لمواجهة تيار العولمة الرأسمالية المتصاعد. وهنا أصبحت الصالة جزءا لا يتجزأ من العرض، فمن اللحظة الأولى نحن أمام عمال المسرح –المهرجين- الذين يضطرهم منتج العرض لإنقاذه بأي ثمن حيث غاب أبطاله والحفلة مباعة، ومن قلب هذا التوتر الساذج تحدث عملية مسرحة للجمهور وبث روح الطفولة فيه مع استمرار لعب الممثلين معه، ويجري أيضا فك وتركيب الحكاية التاريخية الرومانسية لأنطونيوس وكليوبترا لتصبح مجرد قصة صراع سياسي بين مشروعين أحدهما هو حلف العاشقَيْن والثاني هو غريمهما أكتافيانوس الذي يحكم قبضته في ختام العرض على العالم القديم وهنا يمسح المهرجون مساحيقهم ويغنون بجدية وهم يمسكون بأيادي الجمهور على أنغام كورالية بتهوفن الشهيرة طلبا لعالم أخوي مضاد لعالم السطوة والاستبداد وكأنهم يشكلون مع الجمهور وقفة احتجاجية باسمة. وقد استفدت كثيرا من تقديم نفس العرض على جمهورين مختلفين الأول في روما والثاني في القاهرة بعد ذلك، فقد تعلمت أخيرا فضيلة التكيف المسرحي والتي لم أصل إليها إلا بعد سنوات من التجربة والخطأ. وهاكم مثالا واحدا:


كان المخطط هو أن يأتي الجمهور للقاعة فيجدون المهرجين يمارسون مهامهم اليومية كعمال بالمسرح، ولكن حدث شيئان خطيران ليلة العرض بروما، الأول هو هطول المطر وكنا نعرض بمسرح مكشوف، والثاني هو تواجد الجمهور على مسافة بعيدة من المسرح لمتابعة عرض جرى في موقع بعيد نسبيا داخل نفس المنتجع، ووقف الممثلون متسائلين بحزن: ما العمل؟ ولم أكن مستعدا للهزيمة أمام الطقس ولا أمام البعد الجغرافي بين الجمهور وموقع عرضنا فقلت للممثلين: الجمهور بعيد ومسئوليتنا إحضاره، والمطر منهمر وواجبنا إلهاؤه! وهكذا اندفعنا بكل حماس وعدونا مسافة كبيرة لاستحضار الجمهور قبل انفكاكه واستسلامه لرداءة الطقس، وظللنا نلعب معه ونداعبه ونغريه بالقدوم معنا والاستمتاع بالمطر في جو المهرجين، ونجحنا.. وحين عدنا لمصر أدرجت هذه الافتتاحية في العرض ولكني طوعتها لخدمة مسرح الهناجر فكنا نخرج يوميا لملاقاة الجمهور وحثه على الولوج لقاعة العرض ونحن نغني له ونلعب معه وكانت بداية جذابة تمهد الجمهور للعالم الغريب الذي سيلاقيه بعد برهة.


وخلال الأعوام القليلة التالية تجاذبني أكثر من مشروع مسرحي ينبنون جميعا على محاولة تطوير العلاقة بالجمهور، أولهم الحروب الصليبية على طريقة المهرجين أملا في إعادة قراءة التاريخ من أعين البسطاء المقهورين شرقا وغربا، وثانيهما هو انتفاضة الأقصى بأسلوب يخلط الملحمية بالتسجيلية في قالب المؤتمر الجماهيري الذي يبحث عن حل فوري للتضامن معها، وثالثهما موريستانيا وهي دولة صغيرة متخيلة تتورط رغما عنها في مواجهة مع الامبراطورية الرومانية وهو ما سيجر العرض بالتدريج إلى صيغة المؤتمر بحثا عن إجابة عن سؤال العرض: هل الحل في المقاومة أم في الاستسلام؟


أثناء ذلك كنت أخطو للأمام ببطء شديد كممثل، ولكن خبراتي كانت تتعمق حيث كان لي مثلا شرف العمل مع اثنين من المخرجين المهمين: الأستاذ سمير العصفوري والأستاذ مراد منير، فقدمت مع الأول نصا للمؤلف المبدع ميخائيل رومان، ومع الثاني نصا للمبدع سعدالله ونوس، وقد استفدت كثيرا من الوقوف على خشبات هيئة المسرح لما قابلته من جمهور أعرض وأكثر تنوعا من الجمهور الذي تأقلمت معه في بيتي المسرحي الهناجر. ثم قدمت عام 2003 حلم ليلة صيف لشكسبير مع المخرجة السويدية إفا برجمان، وقدمنا العرض في مصر وفي السويد وكان هذا أيضا إضافة كبيرة لي حيث تابعت عمل السيدة برجمان وفريقها الذي يعمل معها منذ سنين، ولأنهم اختصاصيون في تقديم العروض لمرحلة سنية محددة هي المراهقة فقد ركزت على متابعة العلاقة الحيوية التي تربطهم بجمهورهم، وتبنيت من يومها المصطلح الذي أدخلوه إلى قاموسي وهو "بناء الجمهور" أي إقامة صلات دائمة مع قاعدتهم الجماهيرية من منطلق تتجاور فيه الاعتبارات الإنتاجية والفكرية، وهو ما حاولت أن أطوره في تجربتي اللاحقة والأهم في مشواري على الإطلاق.. "اللعب في الدماغ".


مع تجمع نذر الحرب على العراق تحركت مشاعري في اتجاه عرض يفضح الدعاوى الاستعمارية ويكشف التواطؤ العربي ويحمل الإعلام نصيبه من التزييف ويربط ما بين الفساد السياسي والاجتماعي والثقافي فاستقريت على إطار البرنامج التلفزيوني الذي نطل منه على المجتمع المصري وعلى الواقع العربي والعالمي، وقادني هذا التصور إلى افتراض علاقة جديدة مع الجمهور. بدأت من كافيتيريا الهناجر مرة أخرى حيث يستقبل بعض المارينز الجمهور الوافد ويقومون بتفتيشه والتسخيف عليه بطريقة تمزج الدعابة بالمرارة بينما أحد الممثلين يمر بلافتات تحذر الجمهور من مواجهة المارينز، ثم أضفت مشهدا مخادعا يدور في الكافيتيريا حيث يشتبك المارينز مع عامل وعاملة نظافة فتنطلق الرصاصات في المكان ويتم اضطهاد الجميع وزجر الجمهور ليدخل القاعة دون مقاومة، وبالداخل يوضع الجمهور في موقف صاخب حيث موسيقى الراب والرصاص المتقطع والأضواء الماسحة وشاشة تنقل لنا ما تلتقطه الكاميرا فوريا من ردود فعل الناس، وبمجرد جلوس الناس في هذه الوضعية الموترة يتقدم المنتج المنفذ للبلاتوه ليمسرح الجمهور بوضوح حيث يعامله معاملة كومبارس برامج التوك شو الذين يصفقون ويضحكون بالأمر وبالنقود! ويجري العرض من هذا المنظور حيث تستضيف الإعلامية الشهيرة الجنرال توم فوكس الذي يدافع عن استعمار العرب، ويساهم في اختيار القصة الفائزة من قصص الجمهور وهكذا يتم تقديم قصة اجتماعية سافلة تدور بين صديق وصديقه وزوجة الصديق في تواز مع الفساد الشامل الذي نعيشه عبر العرض، وكلما انقطع البث رأينا الوجه الحقيقي للجميع وبمجرد عودة البث يعود التجميل والنفاق، يخرج الممثلون من قلب الصالة حينا بطريقة تفاجيء الجمهور فعلا، ويدعى الجمهور للتعاطي بوضوح مع العرض في أكثر من موضع بل ويصطحب أحد الممثلين كل ليلة مشاهدا من وسط الناس لتقليب قنوات التلفزيون أمامنا لنعرض عليه كيف تتضارب المحطات في نقل خبر واحد هو احتلال مدينة أم القصر! وهكذا. ونجح العرض نجاحا استثنائيا على الهناجر ثم قدمناه على مسرح مكتبة الإسكندرية ثم على مسرح بيكولو تياترو بميلانو فاهتممت بترجمة كل كلمة على شاشة أعلى البروسينيوم مراهنا على أن هذا العرض سيجد جمهوره من الشباب المعارضين للحرب، وقد كان، ونجح العرض في ميلانو.


كان اللعب في الدماغ آخر ما قدمت للمسرح قبل أن أنقل ثقلي بالكامل إلى الميدان السينمائي ممثلا -ومشاركا في الكتابة مؤخرا- ولكني لم أطلق المسرح، إنني فقط أتحين الوقت المناسب لتقديم تجربة مُشْبِعة أعكس فيها ما تعلمته عبر السنوات من كافة الميادين وأنفتح من خلالها على تعلم المزيد.


وفي الختام


هل من مقولات ختامية أخلص إليها الآن؟ بالقطع لدي خلاصات وصلت لها بعد هذه السنوات في رحاب المسرح، ولكني تعلمت أنه لا توجد أمور نهائية وأن كل شيء مطروح للبحث وإعادة النظر والتجريب دوما، ومع ذلك هناك في تجربتي ما أحب أن أعرضه للتأمل:


نحن نتحدث عن المسرح والجمهور، ولكي يمكن للمسرح أن يطور نفسه فلابد له من تطوير علاقته بالجمهور، ولكي يحدث هذا لابد من زرع المسرح في النفوس من الصغر، من مسرح المدرسة ومسرح الحي والتلفزيون. النشاط المسرحي ضرورة للطفل كالدراسة وكالرياضة، وكل طفل لابد وأن يمر بتجربة التدرب على مهمتين: الخشبة، والكواليس. سيتعلم من الأولى مواجهة الناس والتعبير عن نفسه، وسيتعلم من الثانية قيمة الوقت والدقة، وسيتعلم من الاثنين معا قيمة العمل الجماعي وسوف يرق مزاجه لتذوق الفنون. إذن ليس المطلوب حشد الأطفال لمشاهدة مسرحية بلهاء كل عام، بل زرع عملية حب المسرح واحترامه عبر حصص منتظمة طوال العام يخرج منها الأطفال بعرض ختامي يكون ثمرة العمل الجماعي الطويل.


ومن جهة أخرى لابد أن يكون بكل حي مسرح ولو صغير، وبارتباط المسرح بمحيطه سيتعلم الناسُ المسرحَ وسيتعلم المسرحُ من الناس أيضا. وهكذا وبدفعة تمويلية من الدولة في البداية سيعيش المسرح وسط ناسه وبتمويل أهلي لاحقا، وهكذا يضبط المسرح والجمهور إيقاعهما معا وبشكل منتظم، مع فتح الفرصة للمواهب الشابة لأن تبرز مهما كان حيُّها نائيا.


ومن جهة ثالثة، لابد من أن تذيع القنوات التلفزيونية المملوكة للدولة أنواعا مسرحية جذابة وبها قيمة فكرية وفنية، لابد من كسر الوهم المنتشر بأن المسرح فن التفاهة وهذه مسئولية إعلامية بامتياز.


فإذا انتقلنا للمسرح الجامعي فلابد من دعمه باستمرار، على أن الدعم الأكبر الذي نقدمه لشباب المسرح الجامعي هو نزع الرقابة الفكرية التي ربيناهم عليها وهم أطفال، فما كان واجبا في الطفولة صار خطأ فادحا في الشباب المبكر. هل معنى هذا أن الشباب الجامعي سيدمر نفسه وبلده إذا نزعنا عنه الرقابة؟ إطلاقا! فالعلاقة الحميمة بين المسرح الجامعي والبنية الطلابية التي تحيطه ستعدل وتهذب الاتجاهات "المارقة" "والماجنة" وحدها وبآلية ديمقراطية جدا، إن الرقابة الاجتماعية أقوى وأعدل بكثير من الرقابة السلطوية، فلا أحد يقبل العيش محتقرا أو منبوذا من كل محيطه وإن قابل احتقار -بل وقمع السلطة له- بفخر بالغ!


إذا كنا نريد شبابا إيجابيا ملتزما فعلينا في رأيي عمل شيئين في الجامعات: إدارة ذاتية من الطلاب لشئونهم، ونزع الرقابة السياسية والفكرية عنهم، وسيكون المسرح مهما هنا لأنه سيكون إحدى مجسات الرأي العام في الجامعة وهو ما سيوفر للمسئولين التعاطي بجدية مع اتجاهات الرأي هذه من خلال إجراءات وفعاليات بناءة على الأرض لا من خلال اختزال الأمر في مسرحية يتم منعها وجريدة تتم مصادرتها بينما "الأفكار الهدامة" "والمشاعر الخطيرة" تجوب أروقة الجامعات بحرية تامة!


المسرح والجمهور موضوع متشعب ولكنه في رأيي البداية السليمة للنظر في المسألة المسرحية من زاوية ديناميكية، أعيد الشكر للملتقى على طرحه لهذا الأمر الهام كمظلة لهذه الدورة، أتمنى أن أكون قد عرضت ما لدي بوضوح ومنطقية، وأتمنى لحضراتكم جميعا كل توفيق في تقديم رؤاكم وجهودكم فيما يفيد الإنسان العربي والإنسانية كلها. ولحضراتكم جميعا كل حبي واحترامي.


مرفقات أتشرف بإهدائها لمكتبة الملتقى ولأرشيفها:


- نصوص مسرحية:


اللعب في الدماغ/ أوبريت الدرافيل/ حفلة للمجانين/ المزاد/ الدبلة/ الراوي في مسرحية الدبلة/ مرة واحد.


- أوراق مسرحية:


فرقة الحركة/ تجربة اللعب في الدماغ/ كيف تعيش ليزيستراتا اليوم؟/ نحو تحرير المسرح.