Tuesday, October 18, 2011

رؤى.. من هناك


يظن البعض أنني قُتِلْتُ في الميدان حينما سقطتُ بعد طلقةٍ في الرأسْ
كل ما أعرفه أنني أرتفع الآن..
على صغائر الأشياءِ، والأزمانِ، والبشرْ

خط السلك الشائك يفصل بين الأرضيْنْ
هذان الماضي.. والغدْ
هذي مملكة الموت.. وهذا فردوسُ ابنِ الأرضْ
وأنا حافٍ.. أخطو فوق السلك الشائك وحدي.. وسط ملايين!
أنظر في مرآة الناس وأتأمل من آلة تصوير المستقبل..
أغزل وجه القادم..
وأصافح نفسي

يقايضونك الأمنَ بالمهانة
كأنك العبد المهزوم في معركةٍ قديمة
يُنَصِّبون أنفسهم سادةً عليك وعلى أهلك
ويُرَكِّبون ذريتهم على أكتاف ذريتك
يريدون أن يلعبوا معك لعبة الذئب والحمل
أو لعبة الصقر والحمامة البيضاء
يريدونك لحماً طرياً طَيِّعا
ولا يمانعونك في بعض المقاومة المائعة اللذيذة
ثم فجأة يكشرون عن نيوبهم
يغتصبونك في الروح والبدن
ويبصقون عليك بعدها..
ويقتلونك

حين تمسكُ البندقيةَ الآليةَ أولَ مرة
تحس أنك سوف تسافر في الزمن بضغطة من إصبعك
بعدما كنت رجلا طفلا.. سوف تقتل الطفل فيك
ليس هذا شيئا منكرا دائما
المهم ألا تقتله مجانا أبدا
لابد من هدف حي يحمل عنك الإثم
لابد من حلم عميق معتقٍ..
يبرر العبور للشاطيء المجهول
لتدفن الطفل الذي كان فيك
وتوحد قُطْريْك الخصيمين..
الوحش.. والبشر

بعد سنوات سوف تختلف الحياة
سيموت ربع الأرض..
وسوف تعيش أشياؤنا التي كانت تذوي في غرفة الانعاش
قمرٌ جديدٌ غامضٌ سيظهر
ونجوم بالعشرات ستولد في عيوننا
شيوخ ينافسون أحفادهم الرقصَ والنكات
جنة الأرض ليست بعيدة
وجهنم التي نعيشها.. أوشكت على نفاد الرصيد

رأس المال جبانٌ.. بل فأرٌ رعديد
يخاف ظله.. يهرب من شائعة الحرب ومن دعابة التأميم
يتخذ من الحكومة المأجورة زوجةً.. وعشيقة
وبالسلاح يكتب القانون والتاريخ والحِكَم..
على جباه ملايين العبيد الخاضعين
رأس المال جبانٌ.. باعتراف الجبناء أنفسهم
واسألوا فيها مراحيض البورصةِ في كل عاصمة
ينزفون من كل مكان حين يهبط سهم
ينامون عينا على الأطماع وعينا على المهرب المهين
يتمتمون في نومهم بكوابيس ثورة الجياع التي ستأتي لا محالة
ولا يطفئون مطلقا محركات طائراتهم الخاصة
حتى عقود زواجهم لها ورقة ضد
ولأولادهم شهادات ميلاد كثيرةٌ..
بأسماء آباء آخرين!
مستعدون دائما للتلاشي
مثل فصِّ مِلحٍ في طبق الحساء
لا يمانعون أن يعيشوا ويموتوا بالعار
طالما الحساب البنكيُّ لا زال غليظا
رأس المال جبانٌ كحمامة النافذة
تراك قبل أن تراها.. تطير قبل أن تفكر فيها
تتجنب المواجهات كلها
لا تدافع حتى عن فرخها
بل رأس المال جبان كالحية والطريشة
كل ما هما فيه من شر يأتي من رعب
رأس المال مريض بالجبن.. وفي غرغرينة
لا يمكن معها أي علاج أو تأهيل
لا يصلح معه الا استئصالٌ من منبع
وبترٌ رحيم للساقين..
وربما للعنق
قالت السعادة ضاحكة لصديقيها (المجد.. والشرف):
ما العمر إلا ساعة
فأجاب الشرفُ بجدية:
أَحْيِنا كرماء، وأَمِتْنا شهداءْ
وهنا شرد المجد ودندن لحن الخلد

أظنني أديتُ بعض الرسالة يا ربي
أديت ربما البعض اليسير منها
أثبتُّ أن الموتَ كالحياة حينا
وأن العمر عجينةٌ في اليد
فَنَّدْتُ المزاعم التي تناولتك
وقاتلتُ الذين يكرهون عدلك
ومتُّ في جلالٍ.. وجلل

حينما تستيقظ عازما على القتال
صل لإلهك أيَّاً من كان
خذه في قلبك واصنع من نفسك إنسانا أحدا
لا يشبه آحاد الجبناء
بوركت باسمك.. نوديت به
خذ الحياة والموت في جنبيك واندفع
واجه الاشياء بانشراح وغضب
اسحق المتراس واقتل الكلاب الحارسة
انهش العدو قبل أن ينهش كبرياءك والخصيتين
مثلما يفعل البعير الغاضبُ باركا على عنق الإبل المهزوم

من كل حي.. فقيراً كان أو مرفهاً أو بيْنَ بيْنْ
تعالوا إلي يا طالبي الخلاص والخلود
جنتي الموعودة ليست في السماء
بل في بساتين القمح والقطن والورد البلدي
في مسارح الأطفال والهواة، في مصانع الدواء والأطراف المُصَنَّعة
وفي الميادين الحاشدة في الأعياد، وفي مليونية النصر
لست نبيا مرسلا ولا عارفا بالله أكثر منكم
لست عدوا لنبيٍّ أو لديانة
ما أنا الا ساعة في أمد الدهر
جواد بريٌّ يمرح في حقل من ألغام
يريد أن يعيش عمره القصير في حديقة الحرية
وأن يموت ميتة تليق بالمحارب العنيد
وأن يعود للحياة في أفواه ذاكريه
تعالوا اليَّ.. إلى كلماتي تعالوا
فأنا المعلم الوحيد الذي سيقول لكم بصراحتي الصادمة:
نصف كلامي لغوٌ أو حشوٌ أو زلطٌ.. أو أجنَّةٌ ميتة
أما النصف الآخر فخذوه كما يأخذ الرضيع الحليب
وابصقوه بعدها.. ليست لدي مشكلة
لكن خذوه أولا.. احملوا عني الأمانة قبل رحيلي رجاء
واصنعوا من حروفي الحارة شيئا ينفعكم
اصنعوا منها سلاحا من بقية الأسلحة
نصوصي.. لا تقدسوها ولا تدنسوها.. لا تحرفوها ولا تقفوا عندها طويلا
خذوا مني المتن دون الهوامش وانطلقوا
فاكتبوا –وافعلوا- ما هو خير منه ومني
شاركوا ولو بعيدا عني.. في محفل الحياة والعدم
في فزورة الوجود والموت..
في محنة الخلاص والخلود..
في ازدواج الجد بالهزل..
في حقيقية الجسم وفي وهمية الظل..
في حزمة اللهو البريء والماجن حينا..
وفي جنون أبديٍّ رقيق وخشن
يا طالب الدرس ليس لي مقعد أستاذٍ في جامعة الحكمة
ليس لدي إلا ذكرياتٌ منهمرة
وخلاصة أقولها لك في وضوح
قاتل لأجل اسمك حتى يصمد بعد أن تزول
قاتل ليذكرك الناس بالخير والمرح
لا تخش شيئا مطلقا
اعشق الحياة.. قاتل لأجلها
وإن لم يكن للموت رادعٌ.. قاتل ومت
ففي الحالينِ.. تنتصر
ْ