Showing posts with label مؤلفات مسرحية. Show all posts
Showing posts with label مؤلفات مسرحية. Show all posts

Wednesday, April 25, 2007

مساؤكم عنبر


الأصدقاء الأعزاء
هذا تمهيد للبوست القادم حيث موضوع "كيف تعيش ليزستراتا اليوم"؟ وقد نشر في جريدة P A J البريطانية -جريدة متخصصة في فنون العرض- في مايو 2006 مترجما بالانجليزية -ترجمه باقتدار الزميل العزيز الأستاذ حازم عزمي- والموضوع عبارة عن شقين:
1. تساءلت الأستاذة مارينا كوتزوماني اليونانية الأمريكية عن إمكانية تقديم ليزستراتا الإغريقية في ثوب معاصر، ولو كنت ستقدمها فماذا لديك؟ وكيف ستقدمها كليزستراتا عربية تحشد نساء الجنود للضغط عليهم من أجل نبذ الحرب والعودة لديارهم.. أي الضغط بقوة الليبيدو -غريزة الحب والجنس- ضد غريزة القتل. وهكذا قدم بعض من مؤلفي المسرح بالعالم العربي -وأنا منهم- ردودهم.. وهذا هو الشق الأول من الموضوع.. كيف أتخيل ليزستراتا اليوم؟
ملحوظة: علقت في البداية قائلا: "ولكن من نحتاج لجهودهن من أجل وقف الحرب العدوانية هن نساء أمريكا وبريطانيا لأننا هنا ندافع بالأساس".. فردت برحابة صدر.. "اعرض وجهة نظرك".. فقلت:" سأجعلها ليزستراتا أمريكية وسأحاول ان أشتبك مع القضايا العالمية المرتبطة بالموضوع، وسأجيب على أسئلتك معا" .. فقالت لي: "دعنا نر النتيجة".. وهذا ما تقرأونه هنا.
2. ثم هناك مجموعة أسئلة محددة سألتها السيدة مارينا تخص مشكلات المرأة العربية في ارتباطها بهذا الطرح.. وقد أجبت عليها عقب عرضي لرؤيتي المسرحية كما سلف.
شكرا جزيلا على المتابعة وفي انتظار تعليقاتكم واقتراحاتكم
محبتي واحترامي
خالد

كيف تعيش ليزستراتا اليوم؟

المكان: خليط من نيويورك, واشنطن العاصمة, لاس فيجاس, هوليوود وجانب من الريف الأمريكي التقليدي.
الزمان: الآن والغد القريب.
القالب: كوميديا موسيقية (مأساوية أحيانا)- روك أوبرا على غرار الأعمال المتمردة في السبعينيات أمثال "هير" (شعر) و"يسوع المسيح النجم الكبير", تختلط فيها السينما نصف التسجيلية بالخشبة المسرحية التي تمتد لتشمل الجمهور وكأنه مؤتمر شعبي فيه رائحة التجمعات الطقسية بأثينا القديمة وروما وطيبة المصرية.
الرجال الأمريكيون يملأون عواصم الأرض جنودا في جيش الإمبراطورية الأمريكية ومتورطين في حروبها الضروس التي تحركها القلة الغنية.
ليزستراتا امرأة من سواد الشعب محدود الدخل وزوجة لأحد المارينز الذين يحاربون على الجبهة الصفراء (شرق آسيا)، امرأة طيبة بضة تتمتع بجمال ريفي عفوي مؤمنة ببيتها ومعتقداتها البسيطة تفيض أنوثة بريئة وأمومة طبيعية ولا تخلو من روح السخرية اللاذعة تضع خطتها النسائية لتحقيق هدفين مترابطين: مساواة حقيقية وعميقة للمرأة بالرجل ووقف الحرب التي صار واضحا للجميع أنها ليست إلا من أجل مراكمة أرباح الرأسماليين.
ومصدر الترابط بين الهدفين -من وجهة نظرها الخاصة- هو أن النزال الدموي بين البشر يتم على أرضية الذكورية المتوحشة.
ولأنه لا يمكن فصل المضمون عن الشكل، فلابد من تصور تركيبة تكعيبية على الخشبة تجمع الرموز القومية الأمريكية من تمثال الحرية للبيت الأبيض لمبنى الكونجرس.. الخ على الخشبة بينما تتدرج المستويات نزولا لتشمل أمكنة المشاهدين واستحضار روح الكولوسيوم والتأكيد على جو المؤتمر الشعبي وكأن الجميع جزء من تظاهرة أمام البيت الأبيض ضد الحرب.
وتلعب مجموعتا الكورس الاستعراضيتان -حلقة الوصل بين المشاهدين والجمهور- وظائف هامة تعليقية ودرامية وهما مجموعة للنساء الفقيرات والأرامل والملونات ونساء الطبقة العاملة ومجموعة للرجال من شيوخ المال والعسكرية بالأساس.
تتجاور الرموز الذكرية والأنثوية وتتقاطع معا على امتداد ساحة العرض وزمنه، ويؤدي تضادهما وتكاملهما وظيفتين: تأكيد للطرافة في تناقض العالمين، وتحقيق ربط داخلي عميق بينهما يشعرنا تراكمه المستمر طوال العرض أننا عنصران لازمان لبعضنا البعض لزوما محتما وكأننا نصفان هدفهما الأعلى هو الاتحاد معا.
ومع أن القالب الذي يحتوي العرض يذكرنا بكلاسيكيات الروك أوبرا إلا أن هناك لحظات مسرحية مفاجئة تقفز بنا تباعا لطرز مسرحية متنوعة كمسرح المهرجين ومسرح الفيديو والمسرح الملحمي.
هناك سذاجة واضحة في الطرح لا نخفيها بل نؤكدها ونغازل من خلالها روح المشاهدة في العصور القديمة وكأننا نرد المشاهدين لطور طفولي يكون فيه لقاء الجنس الآخر أعلى شأنا من التقاتل مع شخص من جنسنا، أما المسئول عن الارتقاء بحالة المشاهدة إلى مستوى فكري وأيديولوجي أعمق فهو الكورس وشاشة العرض الكبيرة التي تلقي بالحقائق الجارحة في وجهنا حين يتحتم ذلك.
النساء اللاتي يقابلن ليزستراتا في البداية هن خليط من نساء المجتمع الأمريكي كما نمطتهن السينما الأمريكية كالشقراء عاشقة الرجال والسمينة العاطفية وربة المنزل السوداء العصبية.. إلخ.
هناك بالإضافة للكورس النسائي الذي يحتوي على النساء الفقيرة والمضطهدة مجموعات استعراضية نلمح بينهن الطالبة التي تعمل نادلة والفنانة الباحثة عن فرصة والعاهرة المتشردة السكيرة وزوج من المثليات وامرأة مارينز مصابة في الحرب.
رجال الكورس خليط من الأنماط الخبيثة والمرحة معا كما نذكرها مع وولتر ماثاو وجاك ليمون وبراندو ونيكلسون وهوبكنز وكأنها الصورة المرعبة لرجل المال والسلاح والسياسة، صورة تراجيكوميك -إن جاز التعبير- تشعرنا بأن هذا النوع من التوحش الذكوري القناص هو أقصر الطرق لانهيار الحضارة.
الحاكم خليط من شخصية الرئيس الحالي وأرنولد شوارزنجر والقياصرة الرومان خاصة كاليجولا ونيرون.
القادمون لعقد الصلح آتون من الصين –باعتبارها ساحة المعركة القادمة- ثم ينضم لهم وافدون من بقية الشعوب، وهنا يطرح السؤال الأعمق للعرض: هل يمكن لأحدناالعيش دون الآخر؟ وفي لحظة خاطفة ينقلب المشهد من استعراض مبهج لتمجيد الحب والسلام إلى صافرات إنذار مرعبة وانفجارات وسط المشاهدين مع علو الخطاب السياسي-العسكري لحكام الدول الغنية والقوية وكأن الأقلية المترفة المسلحة تعلن الحرب على البشرية كلها مع تتالي المجازر على الشاشة ومشاهد الخراب والهمجية فيتم تدمير المشهد المسرحي ويتكتل الجميع خارجين من حدود أدوارهم لينشدوا نشيد الجبهة العالمية المناهضة للحرب وللعولمة الرأسمالية.. نشيد الخلاص.


إجاباتي على الأسئلة المطروحة:
-ليزستراتا مسرحية عن الحرب والجنس معا أو عن طاقة الحياة وطاقة التدمير فينا.
-المشاركة العادلة للمرأة في السلطة مستحيلة في ظل النظام الطبقي الذي يحكم العالم، لكي تتحرر المرأة حقيقة –والمضطهدون جميعا- لابد من تدمير النظام الرأسمالي لأن بقاءه يؤدي لاستمرار كل أشكال الإفقار والاضطهاد معا.
-استعمار العراق هو واحد من حلقات المشروع الإمبريالي للعولمة الرأسمالية التي تسعى لتطويق الكوكب باحتكار كل شيء وفي المقدمة طبعا منابع النفط وتجارة القمح وسلاح الدمار الشامل، وهي ككل الحروب الاستعمارية واحدة من طرق تجاوز الرأسمالية لأزماتها المتكررة والناتجة عن الفوضى الكلية في الإنتاج والظلم في التوزيع والتناحر الدموي حول تراكم الربح وما زاد على ذلك الآن من التركيز المذهل للاحتكارات العالمية، ومن جانبي فلا أستطيع توجيه دعوة السلام إلى الجماهير العربية الواقعة بين سندان الفقر والنظم الاستبدادية المتهالكة ومطرقة الاحتلال والذل العنصري إلا بعد انسحاب قوات الاحتلال من الأراضي العربية في العراق وفلسطين وسورية، وتصفية القواعد العسكرية الإمبريالية في الخليج أساسا، إن رسالتي الوحيدة في الظروف الحالية هي "السلام للمسالم والقتال للمعتدي"، ولكن من جهة أخرى فلابد لي من التأكيد دائما على أنها لم تكن مطلقا حروب أديان أو ثقافات أو أعراق في العصر الرأسمالي بل هي حروب استغلال تتلبس كل عباءة ممكنة من دين أو قومية، ودور الفنان الثوري في رأيي هو التنبيه على أن العدو الحقيقي هو من ينعم بشقاء إخوته من البشر، والجماهير العربية تحتاج للجماهير الأمريكية المظلومة هي الأخرى حتى يتحرر الجميع من بؤس الاستغلال الدموي العالمي.
-تحرير العمل الفني من الرقابة يحتاج لمعركة كبرى في المجتمعات العربية والإسلامية، وعلى الفنانين المتمردين مواجهة هذا القيد المتخلف طبعا ولكنهم لن ينتصروا إلا بربط هذا المطلب بالمطالب الجماهيرية في التحرر والعدل الاجتماعي والتقدم الشامل ماديا وروحيا، وعلى أن يتم ذلك في خضم حركة جماهيرية صاعدة على غرار حركات الجماهير في 1968.
-تقديم العرض بالطريقة التي أتخيلها ستكون مستفزة لكل الطبقات المتعيشة على الاستغلال والاضطهاد والاستعمار من كل القوميات وأنصار العرض المحتملون هم المتمردون على العالم الظالم والمعانون منه، ولا يمكن التنبؤ برد فعل الجمهور إلا بصياغة العمل فنيا بشكل نهائي لأنني لا أستطيع فصل المضمون عن الشكل، أما أجهزة الرقابة فهي تنتعش الآن في كل العالم -من اليمن لأمريكا- على مستوى مراقبة الأفكار السياسية بعلو بوق اليمين، وفي بلادنا يوجد مثلث من التابوهات: السلطة-الدين-الجنس، وعلى حسب الصياغة النهائية ستكون درجة استنفار جهاز الرقابة ضدالعرض.
-المكان هو الساحة التي يحتشد فيها الشعب قبالة السلطة، ولهذا يمتزج الجمهور بالممثلين والعارضين.
-المرجعية المسرحية الأساسية للعرض هي الكوميديا الموسيقية مع وجود كولاج عام من الأساليب المسرحية المتنوعة التي تخدم هدف التمرد بالعمل أو بالأدق هناك استضافة للعناصر المتمردة من الطرز المسرحية المختلفة كالبريختية والتسجيلية والعبث..إلخ بحيث يبقى وعي المشاهد متحفزا للوصول للحقيقة والتمرد على الوضع القائم ولكن في جو تغلب عليه بهجة المشاهدة الطفولية وطزاجة اللقاء بالحقائق.
-قضية المرأة العربية هي مركب قضيتين: قضية المرأة وقضية العرب، وتحرير المرأة العربية رهين بتحرر العرب من أسيادهم سواء كانوا عربا – رجعيين وذكوريين بالتالي- أو استعماريين يدعون الديمقراطية والتحضر، ومحاولة إلباس ليزستراتا ثوبا عربيا الآن معناه توجيه رسالة لجماهير العالم العربي –بما في ذلك النساء العربية المقموعة- مفادها الخنوع للمحتل وهو تكريس لخنوع كل مضطهد قبالة من يضطهده بما في ذلك المرأة العربية تجاه الذكورية العربية، ولهذا ففي عربية ليزستراتا إضعاف لقضيتها لأن فيها إضعافا لروح مقاومة الغاصب والمستبد عموما ولا يمكن تأسيس تحرر المرأة –بما في ذلك تحررها العاطفي والجنسي- على تبنيها لراية الخضوع.
-تقديم العرض بالطريقة التي أتخيلها يجعل منه عرضا عالميا في تقديري (بافتراض حسن فنيّاته طبعا)، أما تقديم استنساخ عربي لليزستراتا فسيدفن العرض لأنه سيعدّ في عيون المشاهدين التواقين في غالبيتهم للمقاومة -كما لمست بنفسي في عرضي "اللعب في الدماغ"- عرضا متواطئا يطالب الضحية -لا السفاح- بحمل راية السلام، مع التأكيد دائما على أن هذا السفاح ليس هو الشعب الأمريكي الذي يعاني مثلنا من قذارات الرأسمالية -التي تأكل شبابنا وشبابه- بل هو النظام الرأسمالي نفسه أينما وجد.. خاصة حين يصبح السلاح الفتاك والزيف الإعلامي سنديه الرئيسيين كما هو حال الطبقة الحاكمة في أمريكا التي انتزعت روح الثورة الأمريكية وغرست مكانها جنون الإمبراطوريات الظالمة التي كنستها ثورات الجياع والمضطهدين على مر العصور.

Monday, April 23, 2007

سكتش المصنع والعمال من مسرحية الميلاد.. تأليفي

(نحن في مصنع ما حيث يكد العمال.. أغنية تعبر عن حالهم من عينة دار الماتور يا صنايعية للشاعر نجيب سرور مثلا.. ثم تدخل مذيعة البرنامج ومعها طاقم التصوير التلفزيوني)..
المذيعة (بطريقة مصطنعة): ستوب! سيداتي آنساتي سادتي برنامج ستوب بيتوقف النهاردة في مصنع "الفرافيري".. مصنع الفرافيري أحدث المصانع التي افتتحها السيد الوزير المرح اللذيذ.. اللي كان لينا معاه هذا اللقاء المطول
الوزير (بضحك برخامة): بالنسبة لمصنع الفرافيري فده طبعًا عملّي مشكلة كبيرة لأن أغلب الناس اعتقدوا خطأ إن أنا عشان اسمي محمد علي الفرافيري والمصنع اسمه مصنع الفرافيري إن المصنع يقربلي.. وده غير صحيح بالمرة يا جماعة.. لأن اسمي محمد علي فؤاد سعيد الفرافيري والمصنع اسمه مصنع الفرافيري للأغذية.. يعني أنا من عيلة الفرافيري والمصنع من عيلة للأغذية!!
(يضحك الجميع ضحك مجاملة ثقيل الظل)..
المذيعة: وزي ما احنا عارفين، مصنع الفرافيري بيقدم للبلد أهم المنتجات الغذائية.. وبخصوص هذا الموضوع كان لنا لقاء مع مدير المصنع الأستاذ زكي الفرافيري
زكي: في الواقع.. أنا أسندت إلى إدارة هذا المصنع لثلاث أسباب أساسية
الجميع: أولاً
زكي: لأن أنا من عيلة الفرافيري.. وجحا أولى بلحم ثوره!
الجميع: وثانيًا؟
زكي: لأن دراستي كانت في إدارة الأعمال.. تخصص مصانع
الجميع: وثالثًا؟
زكي: لأن خبرتي الطويلة في مجال البزنس مكنتني من إقناع حمايا بكفاءتي النادرة وذكائي الفطري
المذيعة: وده طبعًا خد مجهود من سعادتك!
زكي: والله يا مدام
المذيعة: (مصححة ينعومة) آنسة!
زكي: أوه سوري! والله يا آنسة.. حقولك.. الإقناع فن.. يعني أنا مثلاً قدرت أقنع حمايا بإدارة المصنع ليه؟
المذيعة: ليه؟؟
زكي: لأن أنا قبل كده قدرت أقنعه بالجواز من بنته! وأنا أقنعته بالجواز من بنته ليه..
المذيعة: ليه؟
زكي (تتغير نبرته وتصير اكثر سوقية): لأن اللي يتلسع م الشوربة ينفخ في الزبادي.. واللي داق الفقر والنوم ع الأرصفة لازم يتعلم ياكلها والعة.. واللي اتكحرت لما الرصيف كل منه حتة لازم جتته تنحّس وباله يطول!
الله.. حكم.. يا سلام! (ينصرف زكي وينصرف كل إلى عمله)..
المذيعة: وكان لنا أيضًا لقاء مع المهندس المسئول عن أهم العنابر... عنبر التعليب.. المهندس أكرم الفرافيري تقدر تكلمنا عن الهندسة؟
أكرم: الهندسة أصعب العلوم.. والدليل على ذلك إني قعدت في كلية الهندسة 13 سنة بسقط في إيه تفتكري؟
المذيعة: في إيه؟
أكرم: في الهندسة!
الجميع: ياه.. يا سلام.. عجيب!
المذيعة: طيب المهندس أكرم الفرافيري يا ترى.. مرتبط؟
أكرم: في الحقيقة يا مدام
المذيعة: (بدلع): آنسة!
أكرم: أوه سوري! في الحقيقة يا آنسة.. الجواز ده قسمة ونصيب.. وبعدين النسوان دلوقتي ما بقوش زي زمان!
المخرج: ستوب! يا باشمهندس بلاش "نسوان" دي لو سمحت
أكرم: حاضر.. آسف.. حقول الستات
المخرج: اتفضل.. دور..
المصور: داير..
المخرج: اتفضلي يا آنسة..
المذيعة: طب المهندس أكرم الفرافيري يا ترى مرتبط؟
أكرم: في الحقيقة يا مدام..
المذيعة: (بدلع أقل): آنسة!
أكرم: في الحقيقة يا آنسة الجواز ده قسمة ونصيب.. النهاردة النسوان ما بقوش..
المخرج: ستوب! يا باشمهندس أكرم حضرتك برضه قلت "النسوان" مش الستات!
أكرم (بغباء شديد): إيه ده والله؟! طيب سوري!! (يحفظ نفسه) الستات.. الستات!!
المخرج: دور
المصور: داير
المخرج: اتفضلي يا مدام!
المذيعة: آنسة!
المخرج (منفجرا فيها): اتفضلي يا بنت ال.. (زمارة طويلة مكان السباب!)
المذيعة: طيب المهندس أكرم الفرافيري يا ترى مرتبط؟
أكرم: الحقيقة يا آنسة..
المذيعة: مدام!
أكرم: أوه سوري! في الحقيقة يا مدام الجواز ده قسمة ونصيب.. النهاردة النسوان ما بقوش زي زمان.. (المخرج يبصق عليه وينصرف تاركا الطاقم!)
أكرم (يستكمل بعشم): هو الراجل مننا عاوز إيه غير واحدة بنت ناس تعمر له البيت؟ صحيح؟ بعدما الراجل هلس وعاش وشاف مزز وحِرَش ومكن.. عاوز إيه في النهاية غير واحدة تسعده وتعيشه في نظام مية مية؟ المكن مثلاً ليه بيعيش أكتر من الإنسان؟! لأن الماكينة ما بتفكرش والفكر أصلاً بيتعب القلب! والنسوان اللي ما يكونش قلبها على جوازها تستاهل الحرق!! (بعض الرجال يصفقون وينصرف أكرم منتشيا بنفسه!)
المذيعة: وفي نهاية زيارتنا للمصنع كان لنا لقاء مع السيد مصطفى الفرافيري صاحب المصنع.. صاحب الملايين.. (تقدمه) السيد مصطفى الفرافيري
(بقعة ضوء تستقبله بالموسيقى، يدخل مصطفى –عملاق قوي يلبس ملابس شيك جدا- ومعه شخص يبخره وأمامه رجل يفرد بساطًا وآخر يفرد بساطًا آخر.. العمال يعطونه تحية عسكرية.. بقية أقربائه يرتصون في شرف استقباله)
المذيعة: (بانبهار شديد): السيد الأستاذ مصطفى الفرافيري.. تقول إيه لبرنامج ستوب؟
مصطفى (مستظرفا): أقوله.. ستوب!
(يضحك الجميع مجاملة)
المذيعة: عرفنا بنفسك.. ولو أنك مش محتاج تعريف!
مصطفى (بادعاء جم): أنا.. أنا دمعة في فراغ المنى.. أنا سوسنَة.. أنا.. ما أنا؟ ما أنا؟! (يصفقون رياء)..
المذيعة: السيد مصطفى الفرافيري.. احكيلنا قصة كفاحك
مصطفى: كنت في سنة خامسة لما والدي اتوفى.. عبد الرزاق باشا الفرافيري..
(تنزل على شاشة في الخلفية شرائح مصورة تبين طفولة شباب ورجولة وكهولة مصطفى، وهو بالضبط عكس ما يقوله تماما! فنحن نرى صورة والده البلطجي الآن)..
مصطفى: كانت والدتي نازلي هانم الفرافيري شابة صغيرة.. وكانت موهوبة.. واحترفت الفن
(على الشاشة صورة أمه الراقصة العاهرة وسط رجال منحطين)
مصطفى: وكانت الجماهير تأتيها من كل صوب..
(صورة لمجموعة من السفلة يراقصون أمه)
مصطفى: كانت الله يرحمها بتدافع عن وجودي.. ومن هنا كانت البداية..
(صورة لمصطفى الصغير ينشل أحد الزبائن في الزحام)
مصطفى: اتعلمت طريق الفن.. وبقيت أصطحب والدتي في كل المجتمعات..
(صورة لمصطفى الشاب يحمل مطواة وأمه ترقص مع زبون، إنه الآن فتوتها الخاص)
مصطفى: الدراسة مش كل حاجة.. الحياة أكبر مدرسة..
(صورة لمصطفى يدق أعناق زبائن أمه)
مصطفى: وفجأة ماتت والدتي.. كانت بتجهد نفسها كثير
(صورة لأمه الميتة بجرعة مخدرات وحولها يبكي عشاقها من الصيع)
مصطفى: ولقيت نفسي وحيد في مواجهة الحياة
(صورة لمصطفى يهرب من الشرطة)
مصطفى: أستسلم؟ أتضايق؟ أعمل إيه؟
الجميع: اضحك.. طبعًا نضحك.. يللا نضحك.. هاهاهاهاها!!
مصطفى (يحمل المذيعة ويهدهدها): مرت سنين وسنين وبدأت مشروع صغير.. وكان أملي في نجاحه كبير
(صورة في شبابه يبيع مخدرات)
مصطفى: ولأن مشروعي الصغير شد الشباب.. التفت حولي الجموع الغفيرة
(صورة لشباب كثيرين يدمنون على يديه)
مصطفى: كانت البضاعة اللي أجيبها الصبح.. تخلص بالليل!
(صورة لشباب مدمنين يموتون أمام بابه)
مصطفى: وفي النهاية كبر المشروع وبقى في مقدوري إني أحج لبيت الله.. وفي الأراضي الحجازية جت لي الفرصة الكبيرة.. الفرصة الذهبية
(صورة له مع بعض الخلايجة وهو يرتدي مثلهم بما يوحي بأنه عمل نصابا أيضا)
مصطفى: مرت سنين وسنين.. واشتريت الأرض دي
(صورة له يغتصب الأرض بالسلاح)
مصطفى: وأقمت المصنع ده... بدمي
(صورة له بالسيجار بينما العمال يكدون في مصنعه أمام اللهب)
مصطفى: بعرقي
(صورة لوجوه العمال البؤساء)
مصطفى: بإصراري
(عامل تأكل يده الماكينة)
مصطفى: بقلبي المفتوح للحياة
(إضراب عمالي يطالبه بصرف الحوافز)
مصطفى: وبتوفيق كبير من ربنا
(مسلحون يضربون العمال لحسابه)
مصطفى: والنهاردة بعد كل هذا الجهد.. وبعد كل هذه السنوات، أقدر أقول إن مصنع الفرافيري للأغذية هو المصنع نمرة واحد في الشرق الأوسط كله..
المذيعة: السيد الأستاذ مصطفى الفرافيري.. كلمنا عن الخطة الجاية
مصطفى: النهاردة احنا بننتج كمبوت المانجة.. ومربى العنب.. والألبان حدث ولا حرج، مبستر ومنزوع الدسم وخلافه.. أكل الرجيم.. وأحلى الحلويات لمرضى السكر.. (موسيقى عالية تحول المسرح لكباريه فجأة وتتراقص فتيات الإعلان وهن يغنين لمنتجاته)..
فتيات الإعلان:
الفرافيري أكل ومرعى الفرافيري سر الصنعة
الفرافيري الفرافيري
الفرافيري جبنة وألبان الفرافيري لحمة وأسماك
الفرافيري رز وبامية الفرافيري مية المية
الفرافيري الفرافيري
(تنتهي الفتيات من تقديم الإعلان ويتقدمن بدلع لمصطفى الذي ينقدهن كأنه ينقط راقصات في ملاه ليلية)
مصطفى: رانيا 1000 جنيه، نيفين 750 جنيه، سوزي 500 جنيه

سوزي: 500 بس؟
مصطفى: يا ماما انتي لسه مبتدئة.. احمدي ربنا
سوزي: الحمد لله!
(الأموال تتناثر على طاقم التصوير وأقارب مصطفى بينما العمال يتفرجون في تحسر، حتى تخلو الخشبة إلا من العمال.. لحظات من العمل الشاق ثم نسمع صفارة الراحة، الكل يرتمي ينشد الراحة)
عامل 1: هو مفيش قبض النهاردة برضه ولا إيه؟
عامل 2: قبض إيه؟ هو ده اسمه قبض؟
عامل 3: شفت يابني الفلوس اللي بجد؟
عامل 4: مش عاجبها 500 جنيه!
عامل 5: مش عاجبها مرتب 3 أشهر!!
العامل المتزمت: تبرعوا لبيت الله.. بناء مسجد يا إخوة (ينفرد بأحدهم).. شفت الكافر ابن الكافر.. شفت إيه الخطة الجاية؟
عامل: إيه الخطة الجاية؟
العامل المتزمت: مصنع خنازير!
عامل: إيه؟ مصنع خنازير؟!
العامل المتزمت: وطي صوتك.. أقولك.. نتكلم بعدين.. الساعة 4 ع القهوة اللي قصاد المصنع.. ماشي؟
عامل: ماشي
العامل المتزمت: تبرعوا يا إخوة لبناء بيت من بيوت الله..
عامل آخر: اللي يحتاجه البيت يحرم ع الجامع
العامل المتزمت: استغفر الله العظيم.. استغفر الله العظيم!
عامل آخر: يا با ده مش كفر.. دي واقعية
(يدخل العامل سيد صارخا بالغضب): يا خوانا... أنا عاوز أتكلم معاكم.. (شخص دخل وراءه يحاول إمساكه فيزغده سيد).. اوعى إيدك..
الشخص: يا سيد خد بس افهم
سيد: مفهمش.. يا إخوانا.. مفيش قبض النهاردة برضه وده سابع يوم واللجنة النقابية ما عملتش حاجة.. يا إما نقبض يا إما مفيش شغل .. (هيصة، ويدخل على عجل عضو اللجنة النقابية ليخطب فيهم):
يا إخوانا لو سمحتم.. النقابة ما قصرتش في حاجة.. إحنا اتكلمنا باسمكم.
سيد: آه.. وقبضتم باسمنا!
عضو اللجنة النقابية: ما تغلطش يا سيد
سيد: (يهتف) تسقط النقابة!
العمال (يرددون وراءه): تسقط النقابة!
سيد: الإضراب! الإضراب!
العمال: الإضراب الإضراب.. (ويلقون بعضو اللجنة والشخص الذي حاول منع سيد من الكلام إلى الخارج ويستبد بهم الحماس)
العامل الحنجوري: (يخطب): يا زملا.. يا رفاق.. يا زملا.. يا رفاق.. اللجنة النقابية خانتنا والإدارة مصرة على تعنتها.. ليس أمامنا إلا المواجهة.. لا بد من وقوف البروليتاريا صفًا واحدًا تجاه كل من رأس المال والياقات البيضاء.. تصفيق!.. (يصفق البعض!)
سيد: بتصفقوا على إيه؟ حد فاهم هو عاوز إيه؟
العامل الحنجوري: الإمبريالية يا زملا هي العدو الأكبر.. فلنقاتل الإمبريالية.. وسلاحنا الاعتصام.. لن نسلم لهم المصنع .
سيد: فكرة! (يهتف) مش حنخرج من هنا..
العمال (يهتفون): مش حنخرج من هنا..
سيد: إلا ومالنا في إيدينا
العمال: إلا ومالنا في إيدينا
العامل الحنجوري (ينفرد بسيد): اسمع يا سيد.. أنت تنفع تكون كادر جماهيري مثقف.. أنت طليعي بطبعك ولازم تكون في مقدمة الصفوف.. يا سيد إحنا تنظيم يساري طليعي.. فاهم حاجة؟!
سيد: لا !!
العامل الحنجوري: مش مهم! المهم يا سيد.. إن أنت مستهدف بالنسبة لنا من فترة.. يا سيد.. (يبسط له المسألة).. انت من الأحرار يا سيد!
سيد: إيه المطلوب؟
العامل الحنجوري:عشان تكون أكثر تأثيرًا يا سيد.. لازم تكون عضو في جماعة منظمة لها خطة وبرنامج يا سيد.. يعني عندها استراتيجية فعالة وتكتيكات مناسبة.. فاهم حاجة؟؟
سيد: خالص!
العامل الحنجوري: مش مهم! إحنا يا سيد.. إحنا.. الحزب الديمقراطي الوحدوي لتحرير تحالف القوى الشعبية – اسم مؤقت- إحنا يا سيد عاوزين نضمك لينا.
سيد: ماشي وايه المطلوب طيب؟
العامل الحنجوري: (محرجا): المطلوب إيه يا سيد؟! هو ده اللي أنا أعرفه لغاية دلوقتي، ولغاية ما تيجي تعليمات تانية! وعلى كل يا سيد.. القائد المعلم العظيم جوزيف ستالين كان بيقول شيء هام جدا في قضية الحزب.. (يقول مقطعًا بالروسية!!)
سيد: (يقاطعه) يابا إيه المطلوب مني أنا؟
العامل الحنجوري: 5 جنيه كل شهر يا سيد مش حكاية يعني! وما تشغلش بالك بعد كده! إحنا حناضل بدالك وحننزل الانتخابات القادمة بدالك! ادعم الحزب يا سيد.. ده حزبك... أنت صاحب حزب يا سيد!
سيد: على عيني حاضر!
العامل الحنجوري: وإياك تدي لبتاع تبرعوا لبناء مسجد ده
سيد: ليه بقى إن شاء الله؟
العامل الحنجوري: لأنهم بياخدوا الفلوس دي يجيبوا بيها سلاح ويغزّونا!
سيد: يا راجل؟
العامل الحنجوري: صدقني يا سيد الناس دي شريرة جدًا.. يا سيد القضية دي.. قضية الحزب.. أهم بكتير من فلوسنا المتأخرة
العامل المتزمت (يتحرك بين العمال): مصنع خنازير يا إخوة.. الكافر ابن الكافر بيعمل مصنع خنازير واحنا عاملين مشكلة على شهرين متأخرين.. فين النخوة يا إخوة؟ فين الوقوف في وجه الظلم؟ فين شراء الحياة الآخرة بالحياة الدنيا؟
(يضاء المسرح بالكامل لنرى العمال منقسمين بين الحنجوري والمتزمت)..
العامل الحنجوري: 5 جنيه كل شهر يا رفاق مش كتير..
العامل المتزمت: مش كفاية المصنع مفيهوش مسجد؟
العامل الحنجوري: لا لنقابة حسنين كمونة.. نعم لقائمة الحزب الديمقراطي الوحدوي..
العامل المتزمت: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة
(الجنجوري يلم الأموال، المتزمت يجمع الفلوس، المجموعتان تتواجهان مع صوت أقدام عسكرية، المجموعتان تتضاربان.. الجنود يدخلون يحاصرون المجموعتين المنهكتين من المعركة ويضربون الجميع ثم يثبت كل شيء في مكانه تماما)..
ضابط (يلقي بيانا): قرار كبير رقم 62 لسنة 1996 .. حيث إنه قد ثبت من الأوراق محاولة عمال مصنع الفرافيري الإضراب عن العمل بالمصنع.. مع التهديد بالاعتصام فيه.. وحيث إنه قد ثبت من التحقيق أن المتهم سيد حسين هو الذي خطط وحضر وأعد وأنجز ونفذ واشترك وساهم في هذا العمل المرعب وحده وباعتراف شركائه في الجريمة والذين تم العفو عنهم باعتبارهم شهود ملك.. لكل هذه الأسباب وللأسباب التي قد تستجد في المستقبل فقد صدر القرار الآتي: أولا.. فصل المدعو سيد حسين فصلاً نهائيًا.. ثانيا.. الحجز على مرتبه المتأخر تحت حساب تعويض الخسائر التي لحقت بالمصنع من جراء التوقف عن العمل لمدة نصف ساعة.. ثالثا.. الحبس لمدة لا تقل عن سنة كاملة.. غير كبيسة.. والسجن تأديب وتهذيب وإصلاح! وقبل هذا وذاك.. السجن للجدعان!
(سيد يتحرك إلى المقدمة لينزل ساتر يشبه قضبان السجن بينه وبين الجمهور، تدخل سعاد زوجة سيد بالطفل الرضيع)..
سعاد: ليه يا سيد عملت كده؟
سيد: ليه عملت إيه؟ إيه هو اللي ليه؟
سعاد: ليه يا سيد رحت للمشاكل برجليك؟
سيد: أنا اللي رحت للمشاكل برجليا يا وليه؟ أنا؟ دي المشاكل هي اللي جتلي برجليها! أنا كنت باحميك أنت والواد.
سعاد: وأهو أنت يا سيد رحت في أبو كازوزة.. فدتنا بإيه يا سيد؟
سيد: كنت أعمل إيه طيب؟ ما كانش فيه مليم في جيوبي.. أوكلكم منين؟
سعاد: كنت اصبر يا سيد
سيد: وأنت بتصبري يا سعاد؟ أنت بتصبري عليا؟ وإذا احنا الاتنين صبرنا الواد كان حيصبر؟ كان حيقول لأ مش حموت م الجوع؟
سعاد: وانت دلوقتي يا سيد حتعرف توكله؟
سيد: كنت أعمل إيه؟
سعاد: الواد دلوقتي يا سيد بقى من غير أب
سيد: ما تقوليش كده
سعاد: وبكرة يكبر وينحرف
سيد: اسكتي
سعاد:وأنا كمان يا سيد.. مسيري أنا كمان أنحرف!
سيد: اخرسي يا ولية!
سعاد: بخاطري أو غصب عن عين أهلي.. لازم آكل يا سيد وأوكل الواد!
سيد: إنتي بتقولي إيه؟؟
سعاد: أيوة يا سيد هي دي الحقيقة اللي لازم تعرفها.. أنا حنحرف.. والواد كمان حينحرف.. وأنت حتنتحر في نهاية التمثيلية!
سيد: أنا حشرب من دمك!
سعاد: يا سيد اسمع كلامي.. أنا شفت المسلسل ده قبل كده!
سيد: طلعوني من هنا يا ولاد الكلب!
سعاد: يا سيد.. مفيش غير حل واحد عشان ما أنحرفش
سيد: ايه هو؟! (يدخل سعيد ابن خالة سعاد)..
سعيد: أنا يا سيد.. أنا الحل الوحيد.. أنا!
سعاد: ايوة يا سيد وأنا دلوقتي لازم بقى أتجوزه ةأهرب معاه!
سعيد: قصدها يا إما أتجوزه يا إما أهرب معاه!
سعاد: المهم يا سيد إن أنت لازم تتمسك قوي بالله لأن ما عدلكش غيره! خد يا بن الناس الواد بتاعك.. وربنا ينور طريقك.. وإشارتك خضرا!! (وتناوله الطفل فيحتضنه من خلال الحاجز)
سعيد: صدقني يا سيد.. ده أحسن الحلول.. وده عشان أخويا سيد!
(ينصرفان.. سيد يدمع.. موسيقى حزينة.. الإضاءة تختف، سيد يحضن ابنه برفق)..
سيد: أعمل إيه؟ أربيك ازاي؟ أصرف عليك منين؟ حتطلع إيه؟ أعمل إيه؟ أعمل إيه؟ (يصرخ) أعمل إيه يابا؟
(يدخل أبو سيد محاطا بدخان وموسيقى موحية.. إنه قادم من العالم الآخر– يرتفع الحاجز- يلتحمان)
سيد:وحشتني.. حمد الله ع السلامة
الأب: إزيك يا سيد؟ (يقبل رأسه)
سيد: يابا العالم بقى ضيق قوي.. حتخنق
الأب: ربنا ما بيخلقش وينسى يا بني
سيد: أنا تعبان يا با.. تعبان قوي..
الأب: ده ابنك يا سيد؟
سيد: آه يابا (ويناوله إياه)
الأب: بسم الله ما شاء الله.. اللهم صلي ع النبي
سيد: عليه الصلاة والسلام
الأب: شبهك يا سيد
سيد (بسخرية مريرة): ابن حلال يابا!
الأب: وأنت يا سيد ابن حلال.. ربنا يديلك يا بني..
سيد: يابا.. يابا العالم كله ضدي.. لا فيه فلوس ولا فيه صاحب والشغل أحواله هباب.. والولية طفشت يابا حتى من غير ما تستنى تسمع اليمين!
الأب: ربنا موجود يا سيد..
سيد: ونعم بالله.. في كل لحظات الضعف يابا كنت فاكره.. وكل ما أتعب أفتكره.. وأفتكرك..
(الأب يقبل الطفل.. ويتحرك به مبتعدًا والدخان يلفهما بالتدريج)..
سيد (مستكملا غير منتبه لرحيل الأب بالطفل): تعرف يابا.. أول ما خلفت حسيت فجأة إنك واحشني جدًا.. وقعدت أعيط.. يوميها بس حسيت إني يتيم الأب واتمنيت إن ابني يخلف في حياتي.. عشان ما يحسش غير بفرحة العيل.. اللهم اجعل يومي قبل يومه.. اللهم اجعل يومي قبل يومه.. (ينتبه إلى أن الأب اختفى بالرضيع)..
آبا.. آبا.. الواد.. الواد! (موسيقى عنيفة.. سيد ينظر للسماء في ضياع ثم يصرخ صرخة مدوية.. إظلام للحظات ثم إضاءة على سيد يودعه 3 ضباط)..
ضابط 1: دي شهادة وفاة والدك!
ضابط 2: ودي شهادة وفاة ابنك!
ضابط 3: ودي بقى قسيمة الطلاق بتاعتك.. مبروك يا سيدي!
ضابط 1: دي شهادة إنهاء خدمتك..
ضابط 2: ودي يا سيدي فلوس متأخرة عليك!!
سيد: فلوس ايه؟؟ معيش فلوس!
ضابط 3: إزاي ما معكش فلوس؟!
سيد: مش كنت محبوس؟!
ضابط 1: ده مش مبرر.. أنا أعرف واحد محبوس عنده 3 مليون!
ضابط 2: وأنا أعرف واحد محبوس عنده 30 مليون!
ضابط 3: وأنا أهيف محبوس أعرفه عنده 300 مليون!!
ضابط 1 و 2: يااه!! ياه.. برافو.. عظيم!!
سيد: بس أنا معيش ولا نكلة، وعشان كده جيت هنا!
ضابط 1: طيب يا ابني لما أنت معكش فلوس تخش السجون المحترمة بتاعتنا بتخش السجن ليه؟! إيه؟ عاوز تتحبس؟!!
ضابط 2: صحيح.. نايم قايم واكل شارب (زمارة بدل الكلمة القذرة) ببلاش.. إيه بقى؟ إحنا يا بابا مش نهيبة!
ضابط 3: أنت ما تعرفش يا ابني إن الفلوس اللي عليك كلها كوم.. وفلوسنا احنا كوم تاني؟
ضابط 1: أنت يا بني متعرفش إن احنا كده حنحبسك تاني؟
ضابط 2: أه وكله بحسابه.. حنحبسك سنة حتدفع السنة اللي فاتت والسنة الجاية.. مش حتدفع.. حتتحبس ثالث وهكذا..
سيد: (مكتشفا هول الكارثة): وأنا عمري ما حقدر أدفع!
ضابط 3: لا يا بابا! الفلوس اللي لينا عندك دي حتدفع حتدفع!
لأ دي ما فيهاش كلام من أصله!
ضابط 1: إن شالله تتحبس بيهم عشر سنين
ضابط 2: وبرضه حتدفع!
سيد: عشر سنين؟
ضابط 3: إنشالله عشرين حتى!
سيد: عشرين سنة؟!
ضابط 1: كلمة واحدة زيادة وتاخد إعدام!
ضابط 2: والله يا بني ده نظامنا وكل واحد ونظامه!
سيد: إعدام يعني إعدام؟!
ضابط 3: إعدام يعني إعدام!
سيد (يكرر السؤال وكأنه يعطيهم آخر فرصة): إعدام يعني إعدام؟؟
الضباط الثلاثة (بعصبية وعنجهية): إعدام يعني إعدام! الله!!
سيد: طيب.. حيث كده بقى.. موتة بموتة (ينقض على ضابط 1 ويخنقه)..
ضابط 2 و 3: ايه ده؟! سيب يا ولد.. سيب يا كلب.. يا حرس! يا رجالة!!
(سيد يعدو وراءهم ويضربهم.. يتحول المشهد إلى تجسيد بشري لعالم الأراجوز الذي يضرب أعداءه.. يجرون منه مستنجدين بالحرس.. مايسترو الفرقة الموسيقية العملاق يتدخل فيهرب منه سيد.. موسيقى سريعة مرحة بينما سيد يتنكر في زي مهرج ليكمل في ذهننا صورة قريبة من الأراجوز.. المشهد الآن تغلب عليه الحركة بما تحتويه من تكنيك كوميديا التهريج الشعبية.. عاملة النظافة في السجن تتضامن مع سيد-المهرج فتتحول لمهرجة هي الأخرى.. تعاونه على ضرب الضباط وعلى الهرب من المايسترو.. جميع ممثلي العرض وموسيقييه يتضامنون مع سيد باعتبارهم شخوصا مقموعة من البداية.. ويعلنون هذا التضامن بأزياء المهرجين.. نرى كل أبطال المشاهد السابقة يتعاونون مع سيد وعاملة النظافة التي تلعب دورها نفس الممثلة التي لعبت دور إيمان الزوجة المكافحة التي فقدت زوجها المخدوع من قبل أصدقائه الطفيليين.. وتشاركه الغناء هي والممثلون والموسيقيون تباعا)
سيد (يغني): الدنيا دي بطيخة من حظك لو كات حمرا
أما لو طلعت قرعة إياك تسكت وتنخ
وما دام العالم صايع ونظامه هو الفردة
إفرد نفسك في الشدة وإديها شوية مخ!
يا قلبي يا كتاكت مليان أنت وساكت
ما تخافش من الجواكت ديتها تقولها بخ!!
ما تقولش العالم زيطة خللينا جنب الحيطة
إرسم بكرة بدراعك واخلع من أيها فخ!
(تتصاعد الأغنية فيما راح سيد بمساعدة الباقين يكيل الضربات للمايسترو خاصة وقد ألبسه ذلك الدلو الأحمر الذي رأيناه سابقا متلازما مع كل المظاهرات.. وهنا فقط يأتي سيد من الكالوس بأحمد –صديقنا الموظف الصغير أو الزوج المخدوع من أصدقائه أصحاب المصنع الأول والذي شُلّ في نهاية قصته- ويتعاون جميع الممثلين والموسيقيين في مساعدته على المشي وكأنه طفل يحبو.. يستقيم أحمد ويشاركهم الرقص والغناء بينما يجلسون المايسترو بالجردل الأحمر الذي يخبيء وجهه وهم يقيدونه على الكرسي المتحرك.. ثم يضعون تورتة عيد الميلاد على رأسه ويشعلون شموعها الكثيرة ويغنون وكأنهم جميعا أطفال في العيد):
الجميع (يغنون متحررين من طاغوت المايسترو الذي قمعهم طوال العرض):
عيد سعيد يا جماعة عيد سعيد يا جماعة
عيد سعيد علينا عيد سعيد يا ناس
(ويختم الممثلون هذه اللوحة بالغناء للحياة وكيف أن جمالها في الصبر والأمل والتحدي، ثم يلقون بالورود على الجماهير تمجيدا لانتصار الكفاح والحب والحياة).
الدنيا دي بطيخة من حظك لو كات حمرا
أما لو طلعت قرعة إياك تسكت وتنخ
وما دام العالم صايع ونظامه هو الفردة
إفرد نفسك في الشدة وإديها شوية مخ!

- تمت-