Wednesday, June 27, 2007

الحصـــار (إلى أسد محاصر)

محاصرٌ.. محاصرٌ.. تضيق حول عنقك الدائرة
مطالبٌ بأن تمد فى الهواء قبضتيك صاغرا
حتى يقص الصائدون فى المخالب التوحشَ الطليق والمكابرة
ويلبسوك طوق الصمت، يختموا ساقيك

(كانتا نسرين ناريين أطلقا على طبول الشوق فى الأحراش.. فى المدى.. فى باطن الحقيقة)
بخاتم الحديقة

ـ ـ ـ ـ
مطالبٌ بأن تمد صدرك الفتى.. حتى يقصوا منه زهرة التمردْ
ويفرطوها فوق رأسك المطيعْ
فتكتسي شفتاك بابتسامة الترددْ
ورجرجات الصمت والصدى

قبالة المخاطرة
ـ ـ ـ ـ
محاصرة..
كل الفصول والأيام فيكَ.. ذكريات الوحش فى كفيكَ

فى انفجار رغبةٍ.. في صيحةِ طليقةِ

فى لحظة منحت جسمك العملاق للتى منحتْ
ثم ارتحلت مثلما أتيتْ
-----
مطالبٌ بأن تصير مثل جدك الكبير حارسا فى كف حاكم الأحباشْ
مطالب بأن تُقِطّعِ الشريعةِ الأمّ

وتخرق العهد الأب الذى وقعته بالنار والدماء فى الأحراشْ
أن لا تكف الحرب.. لا تُروَّض الأنيابُ فيكَ

لا تقوم مثل جدك الكبير بالتسول الأخير بعد فقرة المهرجينَ

أن تموت جائعاً ولا تكون وادعاً أمام من يصوركْ
أو ينهركْ
أو يظهركْ

أضحوكةً فى مسرح الدمى!
وقعته دما

أن لا يلين جسمك العضليُّ مهما

أن لا يكون فيك منفذٌ لرحمة
ـ ـ ـ
محاصرّ .. محاصرّ.. محاصرّ

مطالبٌ بأن تقول كلمة أخيرة لهم

إذن

أحب أن تقول قولةً.. وتستريح أو تعاني لا يهمّْ
"دمٌ بدمْ"
قل قولة الوحوش فى عيونهم

"فمٌ بفمْ"
لا تجعل الصيحات فى حلوقهم -علامة انتصارهم- تبدد الزئيرا
فاقلب عليهم احتفالهم
–دما بدمْ–
ورُدّهم يعلقون فوق سترة القنص الغرورة

دماءهم مغسولة بها دماكْ

ماسحا بها الألمْ
-----
حصارهم.. حرابهم.. عيونهم.. جميعهم دمُ
دمٌ.. دمٌ.. دمٌ.. دمٌ.. دمٌ.. دمٌ.. دمُ
قاتلهمُ.. قاتلهمُ

همُ.. همُ.. السلاح والدمُ
مهددٌ بأن تعيش كالذين استسلموا
دمٌ.. دمٌ.. دمٌ.. دمٌ.. دمٌ.. دمٌ.. دمُ
مخيرٌ ما بين.. أو محاصرّ ما بينَ.. هاربٌ أو مُقدِمُ
دمٌ.. دمٌ.. دمٌ.. دمٌ.. دمٌ.. دمٌ.. دمُ
دمٌ هو الغد الأسيرُ.. عمرك الذى مضى

كرامة التوحش الجميل فى عينيك (حربتين كانتا)
دمٌ هي الأظفار والجراح
رأسك المطروقُ.. والشقوقُ.. جسمك المرشوقُ فى الخلاءِ والخلاءُ واجمُ
دمٌ.. دمُ
دم هو الشروقُ.. لسعة الحريقِ.. صدرك الفتى.. دمٌ هو الفمُ
دمٌ.. دمُ
دمٌ.. دمُ
قاتلهُمُ
همُ دمُ
دمٌ همُ.. دمٌ.. دمٌ.. دمُ

5 comments:

مشربية said...

معرفش لية حضرتك فكرتني بالروائي محمد شكري و خصوصا في رواية الخبز الحافي و هي سيرتة الذاتية
شايف ابوة و امة بطريقة و معملش زيهم
تُقِطّعِ الشريعةِ الأمّ
وتخرق العهد الأب
معرفش لية شدتني قوي الجملتين دول و هما دول اللي فكروني بالخبز الحافي
و يا خوفي لو العرب يكون دة هو حلم مصيرهم اللي بداخلهم
يا رب يكون مافيش حك في كلامي
الف شكر يا أ/ خالد

Unknown said...

أنا حاسة أنك تقصد بالأسد المحاصر العرب يا ترى صح و لا غلط و فيه ملحوظة صغيرة كنت عايزة أستأذنك أنى ألفت نظرك ليها بس هى مش نقد و الله
يعنى أنا مليت شوية التكرار الكتير لكلمة دم .. أتكررت كتير أوى ممكن تكون تقصد أنك تأكدها ماشى بس كانت عايزة تقل شوية
بس ما فيناش من زعل

اسكندراني اوي said...

كم من الاسود محاصره

وللاسف مش قادرين يساعدو حتى نفسهم

brastos said...

ابرز ما شدني في هذا النص.. ايقاعه الواضح..الصريح..العنيف ..العنيد....المتسارع..المتكاثف.....و كاني به مارش...مارش ينطلق هادئا و ينتهي مدويا..مرعبا...مروعا..مصما لاذان صائدي .....مروضي.......قاهري..الاسود....الشعوب...
ساظل اذكر هذا النص يا خالد كلما شاهدت مشهدا للسيرك..او نشرة الاخبار

الخبز و الحرية said...

شكرا جزيلا مشربية.. الروائي محمد شكري صاحب قلم كبير والاقتراب من عالمه شرف.
عاليا مش بميل قوي لشرح المقصود من القصايد بس بجد كان في دماغي اساسا الأسد نفسه ومنه بقى فكرت في حاجات ثانية.. وتقدري تنقديني في اي وقت انا بحب وبحترم ده جدا لأنه بيفيدني.
بالضبط يا اسكندراني.. للأسف.
باسط أحسنت.. بجد أحسنت.